الشباب القبطي وسياسات الدولة
كتب يوسف ورداني* ـ هيئة تحرير الوارف ـ مصر
خاص وارف الأقليات
يعانى الشباب القبطي من مجموعة المشاكل البنيوية المتعلقة بهيكل عمل المؤسسات السياسية والأجهزة العاملة في مجال الشباب، والتي تتلخص في عدم تقدير المسئولين عن هذه الأجهزة الأهمية القصوى لمشاركة الشباب المسيحي بكثافة في الأنشطة الشبابية والتظاهرات الثقافية والاجتماعية المتنوعة،
ولجوئهم إلي الأشكال المنظرية التي توحي بتفعيل ممارسات المواطنة المنصوص عليها في المادة الأولي من الدستور كالحرص على زيارة مقر الكاتدرائية الأرثوذكسية في العباسية للتهنئة بالأعياد، والدمج المصطنع لبعض الشباب المسيحي ضمن تجمعات الشباب المشاركين في الأنشطة والفعاليات المختلفة سواء الداخلية منها أو الخارجية، وليت هذا الدمج يكون ممثلاً لكافة الطوائف المسيحية إذ تعطى الأولوية للشباب الأرثوذوكسي على غيرهم من الطوائف الأخرى.
لا أريد أن أضع هذا الأمر، وكأننا نتحدث عن مجموعات منعزلة في وطن واحد، ولكنى أريد أن نبحث لماذا لا يقبل الشباب المسيحي على المشاركة، وأن نقيم أداء مؤسسات الدولة المعنية بهذا المجال. يعاني الشباب القبطي حالة من انعدام الثقة في مؤسسات الدولة المختلفة، وغلبة الشك لديه في أن هناك اضطهاداً منظماً ضده لا يتم التعبير عنه صراحة ولكن يعكسه الواقع الفعلي المتلخص في قلة انضمامهم إلي كليات الشرطة والجيش، وضحالة نسبة تعيينهم كمعيدين في بعض التخصصات خاصة في كلية الهندسة والطب ناهيك عن ذلك عما يبثه الإعلام من أن الأقباط غير ممثلين في الوظائف العليا للدولة بناءً على معيار الكفاءة والجدارة. ويزيد من وطأة هذا الإحساس بأنهم أقلية – ولو عددية مما يدفعهم إ"لي الانعزال عن العمل العام من البداية والتقوقع في الأطر الدينية الكنسية المتاحة.
ويقابل هذه الحالة عدم اهتمام من مؤسسات الدولة بدفع النشء والشباب المسيحي للمشاركة من الصغر في الأنشطة التى تنظمها سواء في المدارس أو مراكز الشباب أو قصور الثقافة، ويرجع ذلك إلي أن هذه القضية لا تحتل أولوية حقيقية في سلم اهتمامات صانع القرار على المستوى المركزي ناهيك عن العجز عن تطبيقها إن وجدت على المستوي المحلي الذي ينتشر به موظفون يعلون من انتماءاتهم الدينية على حساب قيم العمل ويمنعون إتاحة الفرصة للأقباط من المنبع.
توازي مع ذلك عجز الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن تشجيع الشباب المسيحي على الانضمام إليها، وتبوء بعض المواقع الداخلية فيها أسوة بما كان قائم في فترة التجربة الليبرالية في مصر قبل ثورة يوليو. ويلاحظ أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد الشباب المسيحي بداخل هذه المؤسسات أسوة بموقف الدولة الذي يتحاشى إعلان أى إحصائيات عن أعداد المسيحيين وتوزيعاتهم على المحافظات والمهن الرئيسية في المجتمع. ويوجد هنا مسئولية على الحزب الوطني بوصفه الحزب الحاكم الذي تبلغ نسبة عضوية الشباب به في الشريحة العمرية من 18-40 سنة نسبة 59,4% من إجمالي عدد أعضائه، وتقتصر المناصب التي يتولاها مسيحيون فيه على أصابع اليد الواحدة.
كل هذه العوامل دفعت هؤلاء الشباب إلي الارتماء في أحضان الكنيسة التي شجعتهم على ذلك، بالرغم من دعاويها الظاهرة لهم إلي كسر حاجز العزلة والتحرك داخل المجتمع. وقوى من هذا الشخصية الكاريزمية للأنبا موسي أسقف الشباب بالكنيسة الذي قام بتفعيل الأنشطة الشبابية المنفذة وجعلها جاذبة لهم من خلال دورات متخخصة لمواجهة متطلبات سوق العمل ومراكز تدريبية على مستوى القاهرة والأقاليم لتدريب الشباب على بعض الأعمال اليدوية لحرفة السباكة والنجارة وتعليم الكمبيوتر والإنترنت ومشاغل للبنات.. الخ، ومهرجانات يشارك فيها ما لا يقل عن 400 ألف شاب سنوياً وأنشطة مخصصة للشباب المسيحي بدول المهجر.وفضلاً عن ذلك اهتمت إبراشية الشباب بتكنولوجيا الانترنت وفتح سبل التخاطب الالكترونى مع الشباب من خلال مدونة وموقع الكترونى يزيد عدد زواره وفقاً للبيانات الواردة على موقع إليكسا العالمي الخاص بمعدل الزيارات يوم 2 مارس 2009 عن زوار المواقع الالكترونية الخاصة بالمجلس القومي للشباب، وأجزاء الشباب بمواقع جميع الأحزاب السياسية، وموقع الاتحاد العام للكشافة والمرشدات أكبر منظمة شبابية مصرية من حيث عدد الأعضاء.
وتحولت الكنيسة من خلال هذه الأنشطة إلي فضاءات للأنشطة الاجتماعية والثقافية والخدمية لراودها، ونوادى وفصول تعليمية تقدم تعاليم اللغة القبطية وثقافتها والمجموعات الجامعية للطلاب والطالبات الأقباط إضافة إلي المراكز الطبية والمستوصفات التي تقدم الخدمات الصحية للفقراء ومتوسطي الحال من الشباب الأمر الذي نتج عنه أن أصبحت الكنيسة هى الملاذ الأول والأخير الذي يجد فيها الشباب القبطي ضالته وخاصة إذا ما واجهته أزمات أو مشاكل تتعلق بحياته اليومية أو بتفاعلاته مع جيرانه المسلمين.
وكان من الطبيعي أن تنتقل نتيجة لذلك العلاقات المتشابكة بين الأقباط والمسلمين من حيز الوطن بمفهومه الواسع إ"لي حيز الكنيسة أو الجامع بمفهومهما الضيق، لذلك فما أن يحدث خلاف حتى يلجأ الشاب المسيحي إلي جمهوريته في الكاتدرائية، ويحتمى الشاب المسلم بأغلبيته وببعض المتعاطفين من أجهزة الدولة. والحالات الدالة على ذلك كثيرة منها مظاهرات الشباب المسيحي في واقعة القس المشلوح المنشورة في جريدة النبأ، وحالة إسلام وفاء قسطنطين قبل تسليمها للكنيسة بعد ذلك. وهى التظاهرات التي قادها أعداد كبيرة من الشباب الغاضب في مقر الكاتدرائية والذين رفعوا خلالها الصليب ورددوا شعارات تعبر عن شعور عميق بعدم المساواة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص.
وبهذا، فشلت الدولة في التعامل مع الشباب القبطي واستقطبتهم الكنيسة نتيجة لحالة العزلة التي يعيشون فيها، وزادت حدة الخلافات الطائفية نتيجة لانسداد قنوات التعامل بين عنصري المجتمع، والأمر مرشح للتزايد في الفترة القادمة إذا ما استمر الوضع كما هو عليه وظلت مؤسسات وأجهزة الدولة تتعامل مع الأمر وكأنه ديكور اجتماعي لتزيين الشكل العام بأحضان وقبلات بين شيوخ وقساوسة، وبدمج مصطنع للشباب المسيحي مع المسلم.
إن معالجة مشاكل الشباب القبطي يجب أن تتم وفق رؤية أوسع للمواطنة تقوم على كفالة المساواة بين كافة أبناء هذا الوطن، وإرساء ثقافة قبول الآخر المختلف دينياً في كافة نواحى الحياة ابتداءً من تنقية المناهج والمقررات الدراسية في التعليم الأساسي والثانوي والتي تركز بدرجة مبالغ فيها على مفهوم أهل الذمة واشتراط دفع الجزية كشرط لنيل حقوق المواطنة، ومروراً بالوظائف العامة التي يجب أن يتم التنافس فيها بناءً على معياري التميز والجدارة بعيداً عن الانتماءات الدينية الضيقة وغلبة الطابع الأمني في مؤسستي الشرطة والجيش فوجود رتب عسكرية مسيحية لن يضر بالأمن العام شيئاً، وانتهاءً بتعرية مواقف المتأسلمين الذين يغلبون اعتبارات دينية تجاوزها الواقع فعلياً.
وعلى المستوي الضيق، يجب على أجهزة الشباب الاهتمام بحث الشباب المسيحي على المشاركة بدءاً من المستويات القاعدية في مراكز الشباب والأندية وقصور الثقافة، ومخاطبة كافة الهيئات والمنظمات الدينية المسيحية لترشيح شبابها المتميز للاشتراك في الأنشطة الشبابية التي يتم تنظيمها، وفي مقدمتها أسقفية الشباب بالكنيسة الارثوذكسية. ويتوازى مع ذلك قيام مؤسسات التنشئة والإعلام بإبراز النماذج الطبيعية للتعايش المجتمعي بدون مبالغة أو رياء، ومواجهة مشكلة العلاقات العاطفية التي تنشأ أحياناً بين شباب مختلفي الديانة بالتأكيد على أن الأصل في الأسرة هو وحدة الدين ومصالح الأطفال، والاستثناء هو التنوع.
والشباب القبطي نفسه عليه واجب ودور بألا يستجيب لنزعة العزلة والتقوقع داخل مؤسسته الدينية، واللجوء |إليها في جميع مشاكله التي يمكن حل غالبيتها بالطريق المدني داخل مؤسسات الدولة المختلفة، وأن يبتعد، ومعه الشباب المسلم عن التلويح بورقة الدين في أى خلاف شخصي ينشأ في الحياة اليومية نتيجة لاختلاف المواقف وتباين الرؤى والأطروحات *يوسف ورداني حائز على ماجستير في حقوق الإنسان ـ جامعة لندن ـ عضو هيئة تحرير الوارف ـ مصر
كتب يوسف ورداني* ـ هيئة تحرير الوارف ـ مصر
خاص وارف الأقليات
يعانى الشباب القبطي من مجموعة المشاكل البنيوية المتعلقة بهيكل عمل المؤسسات السياسية والأجهزة العاملة في مجال الشباب، والتي تتلخص في عدم تقدير المسئولين عن هذه الأجهزة الأهمية القصوى لمشاركة الشباب المسيحي بكثافة في الأنشطة الشبابية والتظاهرات الثقافية والاجتماعية المتنوعة،
ولجوئهم إلي الأشكال المنظرية التي توحي بتفعيل ممارسات المواطنة المنصوص عليها في المادة الأولي من الدستور كالحرص على زيارة مقر الكاتدرائية الأرثوذكسية في العباسية للتهنئة بالأعياد، والدمج المصطنع لبعض الشباب المسيحي ضمن تجمعات الشباب المشاركين في الأنشطة والفعاليات المختلفة سواء الداخلية منها أو الخارجية، وليت هذا الدمج يكون ممثلاً لكافة الطوائف المسيحية إذ تعطى الأولوية للشباب الأرثوذوكسي على غيرهم من الطوائف الأخرى.
لا أريد أن أضع هذا الأمر، وكأننا نتحدث عن مجموعات منعزلة في وطن واحد، ولكنى أريد أن نبحث لماذا لا يقبل الشباب المسيحي على المشاركة، وأن نقيم أداء مؤسسات الدولة المعنية بهذا المجال. يعاني الشباب القبطي حالة من انعدام الثقة في مؤسسات الدولة المختلفة، وغلبة الشك لديه في أن هناك اضطهاداً منظماً ضده لا يتم التعبير عنه صراحة ولكن يعكسه الواقع الفعلي المتلخص في قلة انضمامهم إلي كليات الشرطة والجيش، وضحالة نسبة تعيينهم كمعيدين في بعض التخصصات خاصة في كلية الهندسة والطب ناهيك عن ذلك عما يبثه الإعلام من أن الأقباط غير ممثلين في الوظائف العليا للدولة بناءً على معيار الكفاءة والجدارة. ويزيد من وطأة هذا الإحساس بأنهم أقلية – ولو عددية مما يدفعهم إ"لي الانعزال عن العمل العام من البداية والتقوقع في الأطر الدينية الكنسية المتاحة.
ويقابل هذه الحالة عدم اهتمام من مؤسسات الدولة بدفع النشء والشباب المسيحي للمشاركة من الصغر في الأنشطة التى تنظمها سواء في المدارس أو مراكز الشباب أو قصور الثقافة، ويرجع ذلك إلي أن هذه القضية لا تحتل أولوية حقيقية في سلم اهتمامات صانع القرار على المستوى المركزي ناهيك عن العجز عن تطبيقها إن وجدت على المستوي المحلي الذي ينتشر به موظفون يعلون من انتماءاتهم الدينية على حساب قيم العمل ويمنعون إتاحة الفرصة للأقباط من المنبع.
توازي مع ذلك عجز الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني عن تشجيع الشباب المسيحي على الانضمام إليها، وتبوء بعض المواقع الداخلية فيها أسوة بما كان قائم في فترة التجربة الليبرالية في مصر قبل ثورة يوليو. ويلاحظ أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد الشباب المسيحي بداخل هذه المؤسسات أسوة بموقف الدولة الذي يتحاشى إعلان أى إحصائيات عن أعداد المسيحيين وتوزيعاتهم على المحافظات والمهن الرئيسية في المجتمع. ويوجد هنا مسئولية على الحزب الوطني بوصفه الحزب الحاكم الذي تبلغ نسبة عضوية الشباب به في الشريحة العمرية من 18-40 سنة نسبة 59,4% من إجمالي عدد أعضائه، وتقتصر المناصب التي يتولاها مسيحيون فيه على أصابع اليد الواحدة.
كل هذه العوامل دفعت هؤلاء الشباب إلي الارتماء في أحضان الكنيسة التي شجعتهم على ذلك، بالرغم من دعاويها الظاهرة لهم إلي كسر حاجز العزلة والتحرك داخل المجتمع. وقوى من هذا الشخصية الكاريزمية للأنبا موسي أسقف الشباب بالكنيسة الذي قام بتفعيل الأنشطة الشبابية المنفذة وجعلها جاذبة لهم من خلال دورات متخخصة لمواجهة متطلبات سوق العمل ومراكز تدريبية على مستوى القاهرة والأقاليم لتدريب الشباب على بعض الأعمال اليدوية لحرفة السباكة والنجارة وتعليم الكمبيوتر والإنترنت ومشاغل للبنات.. الخ، ومهرجانات يشارك فيها ما لا يقل عن 400 ألف شاب سنوياً وأنشطة مخصصة للشباب المسيحي بدول المهجر.وفضلاً عن ذلك اهتمت إبراشية الشباب بتكنولوجيا الانترنت وفتح سبل التخاطب الالكترونى مع الشباب من خلال مدونة وموقع الكترونى يزيد عدد زواره وفقاً للبيانات الواردة على موقع إليكسا العالمي الخاص بمعدل الزيارات يوم 2 مارس 2009 عن زوار المواقع الالكترونية الخاصة بالمجلس القومي للشباب، وأجزاء الشباب بمواقع جميع الأحزاب السياسية، وموقع الاتحاد العام للكشافة والمرشدات أكبر منظمة شبابية مصرية من حيث عدد الأعضاء.
وتحولت الكنيسة من خلال هذه الأنشطة إلي فضاءات للأنشطة الاجتماعية والثقافية والخدمية لراودها، ونوادى وفصول تعليمية تقدم تعاليم اللغة القبطية وثقافتها والمجموعات الجامعية للطلاب والطالبات الأقباط إضافة إلي المراكز الطبية والمستوصفات التي تقدم الخدمات الصحية للفقراء ومتوسطي الحال من الشباب الأمر الذي نتج عنه أن أصبحت الكنيسة هى الملاذ الأول والأخير الذي يجد فيها الشباب القبطي ضالته وخاصة إذا ما واجهته أزمات أو مشاكل تتعلق بحياته اليومية أو بتفاعلاته مع جيرانه المسلمين.
وكان من الطبيعي أن تنتقل نتيجة لذلك العلاقات المتشابكة بين الأقباط والمسلمين من حيز الوطن بمفهومه الواسع إ"لي حيز الكنيسة أو الجامع بمفهومهما الضيق، لذلك فما أن يحدث خلاف حتى يلجأ الشاب المسيحي إلي جمهوريته في الكاتدرائية، ويحتمى الشاب المسلم بأغلبيته وببعض المتعاطفين من أجهزة الدولة. والحالات الدالة على ذلك كثيرة منها مظاهرات الشباب المسيحي في واقعة القس المشلوح المنشورة في جريدة النبأ، وحالة إسلام وفاء قسطنطين قبل تسليمها للكنيسة بعد ذلك. وهى التظاهرات التي قادها أعداد كبيرة من الشباب الغاضب في مقر الكاتدرائية والذين رفعوا خلالها الصليب ورددوا شعارات تعبر عن شعور عميق بعدم المساواة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص.
وبهذا، فشلت الدولة في التعامل مع الشباب القبطي واستقطبتهم الكنيسة نتيجة لحالة العزلة التي يعيشون فيها، وزادت حدة الخلافات الطائفية نتيجة لانسداد قنوات التعامل بين عنصري المجتمع، والأمر مرشح للتزايد في الفترة القادمة إذا ما استمر الوضع كما هو عليه وظلت مؤسسات وأجهزة الدولة تتعامل مع الأمر وكأنه ديكور اجتماعي لتزيين الشكل العام بأحضان وقبلات بين شيوخ وقساوسة، وبدمج مصطنع للشباب المسيحي مع المسلم.
إن معالجة مشاكل الشباب القبطي يجب أن تتم وفق رؤية أوسع للمواطنة تقوم على كفالة المساواة بين كافة أبناء هذا الوطن، وإرساء ثقافة قبول الآخر المختلف دينياً في كافة نواحى الحياة ابتداءً من تنقية المناهج والمقررات الدراسية في التعليم الأساسي والثانوي والتي تركز بدرجة مبالغ فيها على مفهوم أهل الذمة واشتراط دفع الجزية كشرط لنيل حقوق المواطنة، ومروراً بالوظائف العامة التي يجب أن يتم التنافس فيها بناءً على معياري التميز والجدارة بعيداً عن الانتماءات الدينية الضيقة وغلبة الطابع الأمني في مؤسستي الشرطة والجيش فوجود رتب عسكرية مسيحية لن يضر بالأمن العام شيئاً، وانتهاءً بتعرية مواقف المتأسلمين الذين يغلبون اعتبارات دينية تجاوزها الواقع فعلياً.
وعلى المستوي الضيق، يجب على أجهزة الشباب الاهتمام بحث الشباب المسيحي على المشاركة بدءاً من المستويات القاعدية في مراكز الشباب والأندية وقصور الثقافة، ومخاطبة كافة الهيئات والمنظمات الدينية المسيحية لترشيح شبابها المتميز للاشتراك في الأنشطة الشبابية التي يتم تنظيمها، وفي مقدمتها أسقفية الشباب بالكنيسة الارثوذكسية. ويتوازى مع ذلك قيام مؤسسات التنشئة والإعلام بإبراز النماذج الطبيعية للتعايش المجتمعي بدون مبالغة أو رياء، ومواجهة مشكلة العلاقات العاطفية التي تنشأ أحياناً بين شباب مختلفي الديانة بالتأكيد على أن الأصل في الأسرة هو وحدة الدين ومصالح الأطفال، والاستثناء هو التنوع.
والشباب القبطي نفسه عليه واجب ودور بألا يستجيب لنزعة العزلة والتقوقع داخل مؤسسته الدينية، واللجوء |إليها في جميع مشاكله التي يمكن حل غالبيتها بالطريق المدني داخل مؤسسات الدولة المختلفة، وأن يبتعد، ومعه الشباب المسلم عن التلويح بورقة الدين في أى خلاف شخصي ينشأ في الحياة اليومية نتيجة لاختلاف المواقف وتباين الرؤى والأطروحات *يوسف ورداني حائز على ماجستير في حقوق الإنسان ـ جامعة لندن ـ عضو هيئة تحرير الوارف ـ مصر