من كتاب
مائة سؤال وجواب فى العقيدة المسيحية الأرثوذكسية
لنيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى
مطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى وسكرتير المجمع المقدس
ورئيس دير القديسة دميانة
السؤال الأول : ما معنى كلمة أقنوم
كلمة أقنوم باليونانية هى هيبوستاسيس ، وهى مكونة من من مقطعين:
هيبو وتعنى تحت ، وستاسيس وتعنى قائم أو واقف
وبهذا فإن كلمة هيبوستاسيس تعنى تحت القائم ولاهوتياً معناها ما يقوم عليه الجوهر أو ما يقوم فيه الجوهر أو الطبيعة .
والأقنوم هو كائن حقيقى له شخصيته الخاصة به وله إرادة
ولكنه واحد فى الجوهر والطبيعة مع الأقنومين الآخرين بغير إنفصال .
السؤال الثانى: من هم الأقانيم الثلاثة
الأقانيم الثلاثة هم الآب والأبن والروح القدس:
+ فالآب هو الله من حيث الجوهر ، وهو الأصل من حيث الأقنوم .
+ والأبن هو الله من حيث الجوهر ، وهو المولود من حيث الأقنوم .
+ والروح القدس هو الله من حيث الجوهر ، وهو المنبثق من حيث الأقنوم .
السؤال الثالث: كيف أن الجوهر الإلهى واحد ومع هذا فإن هناك ثلاثة أقانيم متمايزة ومتساوية
لشرح فكرة الجوهر الواحد لثلاثة أقانيم متمايزة و متساوية فى الجوهر نأخذ مثالاً:
مثلث من الذهب الخالص له ثلاثة زوايا متساوية أ ، ب ، جـ
- الرأس ( أ ) هو ذهب من حيث الجوهر .
- الرأس ( ب ) هو ذهب من حيث الجوهر .
- الرأس ( جـ ) هو ذهب من حيث الجوهر .
فالرؤوس الثلاثة لهم جوهر واحد ، وكينونة واحدة ، وذهب واحد ، وهو جوهر المثلث .
ولكن ( أ ) ليس نفسه هو (ب)
( ب ) ليس نفسه هو ( جـ )
( جـ ) ليس نفسه هو ( أ ) .
لأن ( أ ) لو كان هو ( ب ) [نطبق الضلع ( أجـ ) على الضلع ( ب جـ ) وبذلك ينعدم الذهب .
* لو طبقنا نفس الفكرة بالنسبة للثالوث القدوس:
+ الآب هو الله من حيث الجوهر .
+ الأبن هو الله من حيث الجوهر .
+ الروح القدس هو الله من حيث الجوهر .
والثلاثة يتساوون فى الجوهر ، والجوهر نفسه الإلهى هو فى الآب والأبن والروح القدس .
ولكن الآب ليس هو نفسه الأبن وليس هو نفسه الروح القدس
وكذلك الأبن ليس هو نفسه الروح القدس وليس هو نفسه الآب
وكذلك الروح القدس ليس هو نفسه الآب وليس هو نفسه الأبن .
السؤال الرابع : هل يمكننا أن نقول إن الكينونة فى الثالوث القدوس قاصرة على الآب وحده والعقل قاصر على الإبن وحده والحياة قاصرة على الروح القدس وحده
لا ... لا يمكننا أن نقول هكذا ، فينبغى أن نلاحظ أنه طبقاً لتعاليم الآباء فإن الكينونة أو الجوهر ليس قاصراً على الآب وحده .
ففى قداس القديس غريغوريوس النزينزى نخاطب الإبن ونقول:
"أيها الكائن الذى كان والدائم إلى الأبد"
لأن الآب له كينونة حقيقية وهو الأصل فى الكينونة بالنسبة للإبن والروح القدس ، والإبن ل كينونة حقيقية بالولادة الأزلية ، والروح القدس له كينونة حقيقية بالإنبثاق الأزلى ، ولكن ليس الواحد منهم منفصلاً فى كينونته أو جوهره عن الآخرين .
+ وكذلك العقل ليس قاصراً على الإبن وحده ، لأن الآب له صفة العقل والإبن له صفة العقل والروح القدس له صفة العقل ، لأن هذه الصفة من صفات الجوهر الإلهى .
وكما قال القديس أثناسيوس:
+ "إن صفات الآب هى بعينها صفات الإبن إلا صفة واحدة وهى أن الآب آب والإبن إبن .
ثم لماذا تكون صفات الآب هى بعينها صفات الإبن إلا لكون الإبن هو من الآب وحاملاً لذات جوهر الآب" .
ولكننا نقول أن الإبن هو الكلمة "اللوغوس" أو العقل المولود أو العقل المنطوق به ، أما مصدر العقل المولود فهو الآب .
+ وبالنسبة لخاصية الحياة فهى أيضاً ليست قاصرة على الروح القدس وحده لأن الآب له صفة الحياة والإبن له صفة الحياة والروح القدس له صفة الحياة ، لأن الحياة هى من صفات الجوهر الإلهى .. والسيد المسيح قال:
"كما أن الآب له حياة فى ذاته كذلك أعطى الإبن أيضاً أن تكون له حياة فى ذاته"
"يو 26:5" .
وقيل عن السيد المسيح بإعتباره كلمة الله:
"فيه كانت الحياة" "يو 4:1" .
ولكن الروح القدس نظراً لأنه هو الذى يمنح الحياة للخليقة لذلك قيل عنه أنه هو:
(الرب المحيى) "حسب قانون الإيمان والقداس الكيرلسى" ، وكذلك أنه هو (رازق الحياة) أو (معطى الحياة) "حسب صلاة الساعة الثالثة" .
+ من الخطورة أن ننسب الكينونة إلى الآب وحده ، والعقل للإبن وحده ، والحياة إلى الروح القدس وحده لأننا فى هذه الحالة نقسم الجوهر الإلهى الواحد إلى ثلاث جواهر مختلفة .
أو ربما يؤدى الأمر إلى أن ننسب الجوهر إلى الآب وحده "طالما أن له وحده الكينونة" وبهذا ننفى الجوهر عن الإبن والروح القدس ، أو نلغى كينونتيهما ويتحولان بذلك إلى صفات لإقنوم إلهى وحيد هو إقنوم الآب .
السؤال الخامس: هل هناك علاقة بين طبيعة الله "الله محبة" وبين فهمنا للثالوث القدوس
نعم هناك علاقة أكيدة:
+ إن مفتاح المسيحية - كما نعلم - هو أن "الله محبة" (1يو 4 : 8 ، 16) .
ونحن نسأل من كان الآب يحب قبل أن يخلق العالم والملائكة والبشر
إذا أحب الآب نفسه يكون أنانياً (ego - centeric ) ، وحاشا لله أن يكون هكذا ، إذاً لابد من وجود محبوب كما قال السيد فى مناجاته للآب قبل الصليب .. "لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (يو 24:17) ..
وبوجود الإبن قبل إنشاء العالم وفوق الزمان أى قبل كل الدهور; يمكن أن نصف الله بالحب أزلياً وليس كأن الحب شئ حادث أو مستحدث بالنسبة للآب .
فالأبوة والحب متلازمان ، طالما وجدت الأبوة فناك المحبة بين الآب والإبن .
+ ولكن الحب لا يصير كاملاً إلا بوجود الأقنوم الثالث ، لأن الحب نحو الأنا هو أنانية وليس حباً ، والحب الذى يتجه نحو الآخر الذى ليس آخر سواه (المنحصر فى آخر وحيد) هو حب متخصص رافض للإحتواء (exclusive love ) بمعنى أنه حب ناقص ..
ولكن الحب المثالى هو الذى يتجه نحو الآخر وإلى كل من هو آخر ( inclusive love ) وهنا تبرز أهمية وجود الأقنوم الثالث من أجل كمال المحبة .
+ وإذا وُجدت الخليقة فى أى وقت وفى أى مكان فهى تدخل فى نطاق هذا الحب اللانهائى ، لأن مثلث الحب هنا هو بلا حدود ولا مقاييس ..
هذا الحب اللانهائى الكامل يتجه نحو الخليقة حيثما وحينما توجد ، كما قال السيد المسيح للآب:
"ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم" ( يو26:17 ) .. إن الحب الكامل هو الحب بين الأقانيم الثلاثة وهذا هو أعظم حب فى الوجود كله .
+ لكن يسأل سائل لماذا لا تكون الأقانيم أربعة أو خمسة
وللرد نقول أن أى شىء ناقص فى الله يعتبر ضد كماله الإلهى ، كما أن شىء يزيد بلا داع يعتبر ضد كماله الإلهى .
إن مساحة المثلث هى ما لانهاية ، ومثلث الحب هذا يتسع حتى يشمل كل الخليقة ، فأى كائن يقع داخل نطاق المثلث يشمله الحب ، فما الداعى لرأس رابع أو خامس!
ا للـــــــــــه ثالـــــــــــوث ( وحدانية الله جامعة )
وأمام محيط واسع وعميق من الإعلانات الألهية الواضحة عن حقيقة الثالوث نقف الآن .ولكن قبل الكلام عن هذا الحق الجوهرى لابد أن نشير إلى حقيقة هامة وهى:
1-وحدانية الله..
وذلك بسرد قليل من الآيات الكثيرة التى فى كلمة الله .
" إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " تثنيـــة 6: 4 .
" إنك قد أريت لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه " تثنيـــة 4: 35 .
" ... لكى تعرفوا وتؤمنوا بى وتفهموا أنى أنا هو .قبلى لم يصور إله وبعدى لا
يكون" إشعياء 43: 11 ، 45: 5 .
" أنت تؤمن أن الله واحد . حسناً تفعل " يعقوب 2: 19 .
وهذه الآيات تعرفنا أن الله واحد . ولكن ترى أى وحدانية تلك إنها
2- وحدانية اللــــه الجامعة..
لا يقدر مخلوق أن يعرف الله كما هو ، وإنما يمكننا أن نعرف بما نميزه عن كل ما سواه ، كقولنا : أن الله روح ، غير مخلوق ، سرمدى ، غير متغير فى وجوده وقدرته وقداسته وعدله وجودته وحقه ، وجميع قوانين الإيمان المسيحى صدرت فى عبارات تصرح بهذه الحقيقة .
فالقانون النيقوى مثلاً: يبدأ بالقول :"نؤمن بإله واحد ". ولكن هذه الوحدانية تختلف عما عداها ، وذلك فى المسيحية فقط ، لأنها تؤمن بشخصية الله . أى أنها تؤمن بأن هذا الإله الواحد ليس مجرد قوة أو شىء ، بل هو شخص حى عاقل ، واجب الوجود بذاته ، له مقومات الشخصية فى أكمل ما يمكن أن تشتمل عليه هذه المقومات من معان .
وإذا كان من المٌسلم به أن الشخصية تقوم دوماً على ثلاثة أركان هى : الفكر والشعور والإرادة ، وأن الله هو الشخصية الوحيدة الكاملة إذا قورن بغيره من شخصيات خلائقه ، لذلك كان لابد أن نعرف شخصيةالله بأنها:
الشخصية الوحيدة الفكر والشعور والإرادة - إذ هو أول كل شىء الإله المدرك لذاته . والمدرك لكل شىء صنعه . وتؤمن المسيحية بأن هذا الإله ، الشخص الحى الواحد ، ليس جسماً مادياً يمكن أن يرى أو يلمس أو يدرك بالحواس البشرية ، فهو كما قال المسيح
" روح"وهو أيضاً " أبو الأرواح " عبرانيين 12: 9.
بيد أن المسيحي يؤمن بأن وحدانية الله جامعة ، أى أن الله ذو ثلاثة أقانيم : الآب والإبن والروح القدس ، وهؤلاء الثلاثة هم واحد ولهم جوهر واحد .
بناء على ما تقدم ، إذا قلنا أن الله مثلث الأقانيم وإذا قلنا أنه واحد فى الجوهر فهذا ليس معناه ، على الإطلاق ، أنه هو ثلاثة أو أنه واحد . ليس هو ثلاثة بمعنى العدد. العدد لا علاقة له بالله . لا يستطيع الإنسان أن يعد إلا المحسوسات . الله لا يعد لأن من عده فقد حده .
ومن المعروف أن تعليم وحدانية الله وتمايز الأقانيم أحدها عن الآخر ومساوتها فى الجوهر ، ونسبة أحدها للآخر ،لم يردبه فى الكتاب المقدس جملة واحدة بالتصريح به ، بل فى آيات متفرقة . غير أن جوهر هذه الأمور منصوص عليه من أول الكتاب إلى آخره .
السؤال الأول:
♫ما معنى : " إذ كان فى صورة الله " ( فى 6:2 )
الجـــواب:
* قال معلمنا بولس الرسول : " فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً " الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً . لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس . وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " ( فى 5:2 – 8 ) .
* كلمة ( صورة ) التى وردت فى النص السابق عن صورة الله وصورة العبد باللغة اليونانية هى ( مورفى ηфρμΟ ) بمعنى الصورة مع الطبيعة ، وليس ( إيكون νωкιε ) اليونانية بمعنى الصورة الخارجية بدون الطبيعة ، فالصورة الخارجية لا تحمل نفس الطبيعة ، مثل واحد التقطت له صورة – هذه الصورة مادتها مجرد ورق وألوان – ولكن صاحب الصورة هو إنسان ، ففى هذه الحالة الصورة طبيعتها غير طبيعة الأصل ، وإن كانت تعلن عن الاصل إلا أنها مجرد صورة ، وتسمى ( إيكون νωкιε ) .
ومثال أخر : الإنسان ، فهو على صورة الله ولكن طبيعته غير طبيعة الأصل أى الله فالإنسان مخلوق والله خالق ... هناك فرق واضح فى الطبيعة .
* أما كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) التى قيلت عن الابن الوحيد فى علاقته مع الآب فهى تعنى الصورة التى تحمل الطبيعة نفسها فالابن الكلمة حمل صورة أبيه القدوس ، وحمل نفس طبيعة وجوهره بغير انقسام . وفى تجسده أيضاً حمل نفس طبيعتها البشرية – بغير خطية – جاعلاً إياها واحداً مع لاهوته . ولهذا فقد استخدم أيضاً القديس بولس فى نفس النص السابق كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) للإشارة إلى صورة العبد التى اتخذها كلمة الله ، بمعنى أنه أخذ طبيعة بشرية حقيقة .
السؤال الثانى:
♫ ما معنى : " أخلى نفسه " ( فى 6:2 )
الجـــواب:
* إذ كان فى صورة الله ... أخلى نفسه " معناها أنه قبل أن يوجد فى هيئة غير محاطة بالمجد المنظور لكن لا تعنى أنه أفرغ المحتوى الخاص به من طبيعته الأصلية بحيث أنه يكون قد فقد طبيعته ، فعبارة " أخلى نفسه " تعنى أنه وجد فى هيئة غير محاطة فى ظهوره فى الجسد بمجده المنظور – الذى تراه الكائنات العاقلة مثل الملائكة – محيطاً بلاهوته .
* الأمر الجميل ، أنه مع هذا يقول القديس يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " ( يو 14:1 ) ... السيد المسيح أخلى نفسه من المجد المنظور الذى يليق بطبيعته الإلهية التى هى نفسها طبيعة الآب والروح القدس .
وبالرغم من أنه عندما إلتحف بالناسوتية وأخفى هذا المجد المظور ، ظل أيضاً محتفظاً بمجده غير المنظور فى البعد الروحى الذى قال عنه يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة حقاً " .
* وشعاع من المجد قال عنه بطرس الرسول : " رأينا مجده إذ كنا معه فى الجبل إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى " ( 2بط 17:1 ) فهذا شعاع من المجد المنظور على جبل التجلى قبل الصليب ، لكى يقدم للتلاميذ معونة تسندهم فى وقت التجربة الرهيبة عند آلامه وصلبه وموته المحيى على الصليب .
* لكن العجيب أنه وجد فى صورة عبد وليس هذا فقط بل " إذ وجد فى الهيئة كإنسان ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت " ( فى 8:2 ) كلمة هيئة باليونانى ( سيكما αχημσ ) مثلما نقول : ( إسكيم ) الرهبنة أى ( شكل ) الرهبنة .
* مجرد أنه أخلى نفسه كإله بالتجسد ، فهذا عمل عظيم جداً . ولكنه هذا لم يكفه، بل بعد أن أخلى نفسه آخذاً صورة عبد ، فمن حيث تصرفه كإنسان قال : " وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " . فهو أخلى نفسه ولم يكتف بذلك بل وضع نفسه كإنسان فى طاعة للآب ، ووضع نفسه تحت الجميع حتى أنه غسل أرجل تلاميذه ثم احتمل الآلام والاهانات والتعييرات التى لا توصف ... فحتى كإنسان كان متضعاً ووديعاً لكى يكون هو المثل والقدوة .
السؤال الثالث:
♫ ما معنى عبارة : " أهيه الذى أهيه " ( خر 14:3 )
الجـــواب:
* جاء فى سفر الخروج فى العهد القديم " فقال موسى لله ها أنا آتى إلى بنى إسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلنى إليكم فإذا قالوا لى ما اسمه فماذا أقول لهم . فقال الله لموسى : أهيه الذى أهيمه . وقال هكذا تقول لبنى إسرائيل أهيه أرسلنى إليكم " "خر 3 : 13 ، 14" . باللغة العبرية كلمة "أهيه" تعنى "أنا أكون" ، وكلمة "يهوه" تعنى "هو يكون" أي "الكائن".
* فهذه العبارة " أهيه أشير أهيه " تعنى " أنا أكون الذى أكون " ومدلول الكلمة هنا أن الله يريد أن يقول أنه الكائن وكينونته غير مصنوعة من خالق آخر خلقه ، فهو كائن بطبيعته فأى كائن آخر غير الله كينونته مصنوعة أو مخلوقة .
* وعند بعض المفسرين " أكون الذى أكون " تعنى أن الله يقول عن نفسه إننى الكائن الذى سوف يكون حاضراً باستمرار ، ليحقق مواعيده ويمنح إحساناته وعطاياه فى كل زمان ومكان .
السؤال الرابع:
♫ ما تفسير قول السيد المسيح للآب " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " ( يو 3:17 )
الجـــواب:
* جاء السيد المسيح إلى العالم ليقود إلى التحرر من العبادة الوثنية بعبادة الإله الحقيقى إله إبراهيم . وليعرف العالم أن الإله الخالق هو نفسه الإله المخلص الذى أحب العالم " حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " . ( يو 16:3 ) .
* هناك شرطان للوصول إلى الحياة الأبدية :
- الشرط الاول : أن يعرف الانسان أن يهوه هو الإله الحقيقى وحده ، رافضاً الآلهة الوثنية التى ليست بالحقيقة آلهة .
- الشرط الثانى : أن يؤمن بأن يهوه الآب قد أحب العالم حتى أرسل ابنه الوحيد فادياً ومخلصاً للعالم بذبيحة الصليب . وأن يتبع تعليم السيد المسيح المرسل من الآب إلى العالم .
* ومما يؤكد قصد السيد المسيح بعبارة : " أنت الإله الحقيقى وحدك " ماذكره معلمنا بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس " فمن جهة أكل ماذبح للأوثان نعلم أن ليس وثن فى العالم ، وأن ليس إله واحداً . لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة ، سواء كان فى السماء أو على الارض ، كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . لكن لنا إله واحد الآب الذى منه جميع الأشياء ونحن له . ورب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به " ( 1كو 4:8 – 8 ) .
فمن الواضح هنا فى تأكيد عقيدة الإله الواحد ، أن الرسول يرفض كل الآلهة الأخرى الوثنية المسماة آلهة والتى هى ليست آلهة حقيقية .
* وحينما يقال عن الآب أنه هو الإله الحقيقى وحده ، فالمقصود أنه بجوهره الالهى يسمو على جميع الآلهة الوثنية الأخرى وينفرد بالألوهه الحقيقية .
ولكن ليس الآب إلهاً بجوهره مستقل والابن إلهاً بجوهر مستقل أخر ، بل إن الآب وكلمته هما جوهر واحد وطبيعته واحدة .
* الآب أقنوم متمايز عن أقنوم الابن ، ولكن ليس التمايز فى الجوهر أو الوجود أو الكينونة ، بل فى حالة الوجود أو حالة الكينونة . فالآب مثل الينبوع والابن مثل التيار المولود منه بغير تقسيم . فإن كان الآب هو الإله الحقيقى وحده بين جميع الآلهة ، فإن الابن هو " اله حق من إله حق " مثلما نقول فى قانون الإيمان . والآب والابن والروح القدس إله واحد فى الجوهر ، وإن كانوا ثلاثة أقانيم متساوية فى المجد والكرامة والقدرة الأزلية وكل الصفات الإلهية .
* ومن الامور الملفتة للنظر أن القديس بولس الرسول بصيغة المترادفات : " كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . ولكن لنا إله واحد الآب ... ورب واحد يسوع المسيح " . ( اكو 5:8 – 6 ) فهو يتحدث عن تعدد الآلهة والارباب ولكن فى الايمان المسيحى لا يوجد مثل هذا التعدد فيقول : " لنا إله واحد : الآب ... ورب واحد : يسوع المسيح " وهو بقوله : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " لم يستبعد الآب من أن يكون رباً . وكذلك وبنفس الإصرار بقوله : " لنا إله واحد الآب " لم يستبعد يسوع المسيح أن يكون إلهاً ولكنه يقصد أنه طالما نؤمن بالإله الواحد المثلث الأقانيم فهذا هو الإله الواحد والرب الواحد تحقيقاً لقول الكتاب :
- " أسمع يا إسرائيل الرب رب واحد " ( تث 6:6 ) .
- " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( لو 8:4 ، تث 13:6 ) .
* فإذا قيلت هذه العبارة : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " فهى عبارة قاطعة تثبت أن يسوع المسيح هو الإله الحقيقى الذى هو مع أبيه والروح القدس جوهر واحد ولاهوت واحد نسجد له ونمجده .
* كذلك ورد فى رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس قوله : " رب واحد . إيمان واحد . معمودية واحدة . وآب واحد للكل . الذى على الكل وبالكل وفى كلكم " . ( أف 5:4 ، 6 ) .
وفى ذلك يتحقق نفس المعنى المقصود فى القول السابق عن الرب الواحد والإله الواحد . لقد قال السيد المسيح : " أنا والآب واحد " ( يو 30:10 ) . بمعنى أنهما إله واحد ورب واحد . فإن قيل عن الآب إنه إله واحد فالمقصود عدم وجود آلهة أخرى غير الآب وكلمته وروحه ، وإن قيل عن الابن رب واحد فالمقصود هو عدم وجود أرباب أخرى غير الابن والآب والروح القدس الذين هم واحد فى الربوبية كما فى الألوهية : ثالوث واحد نسجد له ونمجده .
السؤال الخامس:
♫ ما معنى الآية : " أنا مجدتك على الأرض " ( يو 4:17 )
الجـــواب:
* كيف مجد الابن المتجسد أباه السماوى فى تجسده وظهوره فى العالم
عن هذا الأمر كتب القديس يوحنا فى أنجيلة عن الكلمة الذى صار جسداً وحل بيننا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً ... ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا . نعمة فوق نعمة . لأن الناموس بموسـى
أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صاراً " ( يو 14:1 ، 16 ، 17 ) . إنها كلمات عجيبة قالها تلميذ الرب يوحنا الرسول : " رأينا مجده كما لوحيد من الآب ) أى أن المجد الذى رآه التلاميذ هو ما يليق بإبن الله الوحيد .
* ترى ما هو هذا المجد الذى عناه يوحنا ، التلميذ الذى كان يسوع يحبه
هل يقصد رؤيته للسيد متجلياً على جبل طابور حينما صعد إلى الجبل ليصلى وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا " وتغيرت هيئتة قدامهم ، وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابة بيضاء كالنور " ( مت 2:17 ) . ذلك المنظر الذى قال عنه القديس بطرس الرسول : " كنا معاينين عظيمته . لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجداً إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابنى الحبيب الذى أنا به . ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلاً من السماء إذ كنا معه فى الجبل المقدس " ( 2بط 16:1 – 18 ) . بلا شك هذه الرؤيا أو هذا المنظر قد ترك أثراً عميقاً فى أذهان الرسل الثلاثة حينما أبصروا شعاعاً من مجد الابن الوحيد .
* وقد كتب القديس بولس الرسول أن الله قد كلمنا فى ابنه ، وقال عن ابن الله أنه هو " بهاء مجده " ( عب 3:1 ) . باللعة الإنجليزية ( K . J . V ) Brightness of His Glory أى ( لمعان مجده ) بمعنى لمعان مجد الآب .
* ولكن المسألة فى الحقيقة لم تكن قاصرة على منظر التجلى البديع ، وذلك فى ذهن القديس يوحنا الانجيلى حينما كتب : " ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " ( يو 14:1 ) . لأنه من الواضح أنه قد ربط رؤيته لهذا المجد هو وغيره بما رأوه فى المسيح من ملء النعمة والحق .
* إن الشيطان يستطيع أن يغير شكله لإلى شبه ملاك نور ، ويمكنه أن يبهر الناس بمناظر وأفعال خارقة . ولهذا فإن السيد المسيح لم يظهر مجده فقط بمنظره النورانى على جبل محبته ... بل ظهرت ملامح هذا المجد فى كل جوانب سيرته وحياته ، بما فى ذلك مجد محبته ومجد تواضعه ... وهكذا نستطيع أن نميز بين المجد الزائف والمجد الحقيقى ، بين المجد الظاهرى والمجد الأصيل .
♪ " فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً : ( كو 9:2 ) .
* كتب معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح : " فإن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً " ( كو 9:2 ) .
* لقد اتحد أقنوم الكلمة ( اللوغوس ) بالطبيعة البشرية الكاملة التى أخذها من العذراء مريم منذ اللحظة الأولى للتجسد . وصارت الصفات الإلهية جميعها هى من خصائص الابن المتجسد الذى تجسد بطبيعة واحدة تجمع خصائص الطبيعتين دون أن تتلاشى واحدة منها فى الآخرى . ولكن أمكن أن نرى كل صفات اللاهوت فى الابن المتجسد الواحد . لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه : " الذى رآنى فقد رآى الآب " ( يو 9:14 ) . وقال معلمنا بولس الرسول إن : " الله ظهر فى الجسد " ( 1تى 16:3 ) . لآن المسيح هو " صورة الله غير المنظور " ( كو 15:1 ) . وهذا يشرح قول القديس يوحنا الإنجيلى : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " .
* كان السيد المسيح " مملوءاً نعمة وحقاً " ، وفيه " يحل كل ملء اللهوت جسدياً " . رأى التلاميذ فى السيد المسيح صلاح الله ، وبره ، وقداسته ، وخيريته ، وطول أناته ، ورحمته ، ومحبته ، وقوته ، وسعيه لخلاص الناس ، وما فيه من حق وعدل وحزم ورفض للشر . تلامسوا مع وداعته ورقته وصفحه وغفرانه العجيب للخطاة التئبين من كل قلوبهم ، وتلامسوا مع عنايته بالمرضى والمعذبين وسعيه لإراحتهم ، رأوه وهو يتحنن على الجموع ويشفق عليهم ويمنح الراحة للمتعبين ، ويشبع الجياع فى الأماكن القفرة فى البرية ، وتلامسوا مع طول أناته معهم ، واحتماله لضعفاتهم كمبتدئين حتى يأتى بهم إلى القوة ، واحتماله لجهلهم حتى يأتى بهم إلى المعرفة الحقة ، تلامسوا مع محبته إلى المنتهى وهو يبذل نفسه عنهم ويحتمل الآلام الرهيبة ليخلصهم من الهلاك الأبدى ، كانت الجلدات على ظهر السيد المسيح هى شفاء لأوجاع خطايانا وتلذذات الخطية التى أفسدت طبيعتنا البشرية .
* تلامسوا مع سمو تعاليمه ، واستمعوا إلى كلمات النعمة الخارجية من شفتيه ، والتى تؤثر فى السامعين بمنتهى القوة والعمق ... وكم كان يتكلم كمن له سلطان وليس كالكتبة .
* تلامسوا مع الحق الذى فيه ... وهو الذى قال عن نفسه : " أنا هو الطريق والحق والحياة " ( يو 6:14 ) . لم يظهر الحق ويعبر عنه بصورة واضحة بقدر ما كان معلناً فى السيد المسيح .
* تلامسوا مع قداسة الله فى شخص السيد المسيح ... والله القدوس الذى بلا خطية وحده ... وكان السيد المسيح هو الذى قال لليهود : " من منكم يبكى على خطية " ( يو 46:8 ) . طهلرة كاملة .. نقاوة كاملة .. سمو كامل صفاء عجيب..بساطة متناهية..قوة فى رفض الشر والصمود فى وجه الطغيان..تحرر من الأهواء والنزعات.
* أما عن أنتصاره على الموت وعلى الشيطان ، فكان ذلك من أبرز علامات ألوهيته وكتب معلمنا بولس الرسول فى ذلك : " وتعين أبن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الاموات " ( رو 4:1 ) . وقال السيد المسيح عن أنتصاره على الموت والجحيم : " متى رفعتم أبن الانسان تفهمون إنى أنا هو " ( يو 28:8 ) أى يصير مفهوماً أنه هو الإله المتجسد . إن حلول ملء اللاهوت جسدياً فى السيد المسيح إى اتحاد لاهوته بناسوته ، وقد منع عن جسده الفساد فى القبر " لا تدع قدوسك يرى فساداً " ( مز 10:16 ) . وقد غلب كل قوة الجحيم فى روحه الإنسانى " محيياً فى الروح الذى فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التى فى السجن " ( 1بط 18:3 ) ، " سبى سبياً وأعطى الناس كرامة " ( مز 18:68 ) .
لقد سحق الرب بسلطان لاهوته كل قوة إبليس " ( إذ جرد السلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فى الصليب " ( كو 15:2 ) حقاً هو " الرب الغزيز القدير القاهر فى الحروب . هذا هو ملك المجد " ( مز 8:24 ) .
السؤال السادس:
♫ ما معنى الآية : " كل ما هو لى فهو لك " ( يو 10:17 )
الجـــواب:
* فى مناجاته مع الآب قال السيد المسيح : " وكل ما هو لى فهو لك ، وما هو لك فهو لى " ( يو 10:17 ) . وقال كذلك لتلاميذه : " كل ما للآب هو لى " ( 15:16 ) . وقال القديس أثناسيوس الرسولى إن الابن له جميع صفات الآب ما عدا أن الآب هو آب والابن هو ابن .
* وهذا بالطبع لأن الآب والابن والروح القدس لهم طبيعة إلهية واحدة وجوهر إلهى واحد ... فكل صفات الجوهر الإلهى هى للآب كما هى للابن ، وكذلك للروح القدس أما الخواص الأقنومية أو الصفات الأقنومية فينفرد بها كل أقنوم على حدة . فالآب له الأبوة الثالوث وهو الوالد للابن ، والباثق للروح القدس . والابن له النبوة باعتباره الابن الوحيد الجنس للآب بالولادة ( انظر يو 16:3 ) . والروح القدس له الانبثاق باعتباره روح الحق الذى من عند الآب ينبثق ( انظر يو 26:15 ) .
* وكما أن صفات الجوهر الإلهية هى نفسها لكل الأقاليم ، كذلك كل القدرات والعطايا الإلهية هى صادرة عن الاقانيم الإلهية معاً .
فالقدرة على الخلق هى للآب والابن والروح القدس . والمواهب الممنوحة للكنيسة هى ممنوحة من الآب باستحقاقات دم الابن الوحيد ، والروح القدس هو الذى يمنحها للكنيسة بعمله فيها من خـلال الأسـرار والمواهـب
والعطايا الإلهية . لهذا قال السيد المسيح عن الوح القدس : " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق . لأنه لايتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آيتة . ذاك يمجدنى . لآنه يأخذ مما لى ويخبركم . كل ما للآب هو لى . لهذا قلت إنه يأخذ مما لى ويخبركم " ( يو 13:16 - 15 ) .
* لقد ربط السيد المسيح بين عطايا الروح القدس ، وبين عطاياه هو للكنيسة ، معتبراً إياها أيضاً أنها عطايا الآب فقال إن الروح القدس : " يأخذ مما لى " . ثم قال : " كل ما للآب هو لى " . ففى الحقيقة أن ما للروح القدس هو للابن ، وما للابن هو للآب وما هو للآب فهو للآبن وللروح القدس لآن الجوهر الإلهى للابن هو نفس الجوهر الإلهى الواحد الذى للآب وللروح القدس ... ولا يوجد أقنوم منفصل عن الاخر فى الجوهر .
* وكذلك فالعمل الإلهى هو عمل واحد بالرغم من تمايز دور كل أفنوم فى هذا العمل ففى الخلق كان الاقانيم يعملون معاً ، وفى الخلاص كان الاقانيم يعملون معاً ومازالوا يعملون ... وهكذا فى الخلاص أرسل الله أبنه ليتجسد بفعل الروح القدس ، وعلى الصليب كان الله مصالحاً العالم لنفسه فى المسيح ، وقال القديس بولس : " الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب " ( عب 14:9 ) . لذلك فالابن الوحيد قد قدم نفسه ذبيحة مقبولة أمام الله الآب بالروح القدس ، وبعدما أتم السيد المسيح الفداء ، صعد إلى السموات وجلس عن يمين الآب ، وباعتباره رئيس الكهنة الأعظم أرسل الروح القدس الذى يعمل فى الكنيسة ويوصل إليها كل بركات الفداء ، وكل ما يمنحه الروح القدوس للكنيسة من مواهب هو عطايا الآب السماوى . بابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا ولهذا يقول معلمنا يعقوب الرسول إن " كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى من فوق نازلة من عند أبى الانوار . الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران . شاء فولدنا بكلمة الحق لكى نكون باكورة من خلائقة " ( يع 17:1 ، 18 ) .
♪ مجد الآب وملكتيه وملكوته هى للابن أيضاً :
من عبارة " كل ما هو لى غهو لك " ( يو 10:17 ) . نفهم أيضاً أن كل مجد الآب هو للابن أيضاً . وكل ملكية الآب وملكوته يخص الابن أيضاً .
♪ مجد الآب :
* قال السيد المسيح عن مجئيه الثانى للدينونة واستعلان ملكوت الله : " ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع ملائكته القديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسى مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب " ( مت 31:25 – 34 )
* ولكن السيد المسيح كما قال إن : " ابن الإنسان سوف يأتى فى مجده " قال أيضاً " فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب أعماله " ( مت 27:16 ) .
* وبهذا لم يفرق السيد المسيح بين " مجده " و " مجد أبيه " فى حديثة عن مجيئة الثانى للدينونة . لأن مجد السيد المسيح باعتبار أنه هو ابن الله هو نفس مجد الآب بلا أدنى فرق فى المجد . فالأقاليم الثلاثة متساوية فى المجد الإلهى . وذلك نعطى الذوكصا ( المجد ) للثالوث .
* وحينما قال السيد المسيح فى مناجاته قبل الصلب : " والآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم " ( يو 5:17 ) ، كان يقصد أن مجده الأزلى هو نفسه مجد الآب الأزلى قبل خلق العالم ، وذلك بالرغم من أن السيد المسيح قد أخفى الكثير من مجده حال ظهوره بيننا فى الجسد حينما أخلى نفسه آخذاً صورة عبد . كذلك نادى السيد المسيح الآب قبيل الصلب قائلاً : " أيها الآب مجد اسمك فجاء صوت من السماء مجدت وأمجد أيضاً " ( يو 28:12 ) .
* وحينما خرج يهوذا الإسخريوطى بعد عشاء عيد الفصح اليهودى ، ليذهب إلى رؤساء الكهنة ويصير دليلاً للذين قبضوا على السيد المسيح ، قال السيد : " الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه . إن كان الله قد تمجـد
فيه فإن الله سيمجده فى ذاته ويمجده سريعاً " ( يو 31:13 ، 32 ) .
* وفى مناجاته مع الآب بعد تلك الأحداث مباشرة ، رفع عينيه نحو السماء وقال : " أيها الآب .. مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً " ( يو 1:17 ) . إن مجد الآب هو نفسه مجد الابن لأن له نفس الجوهر الواحد مع الآب .
* ولقب السيد المسيح بأنه هو " بهاء مجده " ( عب 3:1 ) . فإن كان الابن هو بهاء مجد الآب فكيف نفصل بين مجد الابن ومجد الآب .
* إن مجد الآب يظهر جلياً للخليقة بواسطة الابن الوحيد ، ولهذا نقول فى القداس الغريغورى :
( الذى أظهر لنا الآب ) .
* وبالاضافة إلى ذلك قيل عن الابن إنه : " رب لمجد الله الآب " ( فى 11:2 9 . بمعنى أن الابن هو رب أى سيد للخليقة التى تحيا فى مجد الله ، وتعكس هذا المجد فيتمجد الله فيها وبواسطتها . ونحن كثيراً ما نلقب السيد المسيح بعبارة " رب المجد " التى قالها عنه معلمنا بولس الرسول ( 1كو 8:2 ) .
♪ ملكوت الآب :
* لشدة محبة الآب للابن فإنه يلقب ملوته ( بملكوت الابن ) فيقول : " ملكوت ابن محبته " ( كو 13:1 ) .
* وكما أن الآب له لقب " ملك الملوك ورب الأرباب ... الذى لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " ( 1تى 15:6 ، 16 ) . وهكذا أيضاً فإن الابن له نفس اللقب وقد رآه يوحنا الإنجيلى فى رؤياه " متسربل بثوب مغموس بدم ، ويدعى اسمه كلمة الله . وله على ثوب وعلى فخده اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب " ( رؤ13:19 : 16 ) . وقيل عنه فى نفس السفر : " والخروف يغلبهم لآنه رب الأرباب وملك الملوك " . ( رؤ 14:17 ) .
* وذلك ففى يوم الدينونة قيل عن الابن إنه سوف " يجلس على كرسى مجده " ( مت 31:25 ) . وإن لقبه هو الملك ( مت 34:25 ) .
* إن ملكوت الآب هو نفسه ملكوت الابن ... وكل هذا يتحقق فينا بعمل الروح القدس الذى يجعل ملكوت الله داخلنا ( أنظروا لو 21:7 ) بسكناه فينا ، ويقودنا فى طريق الملكوت حتى نصير ملكاً لله ، ويملك على حياتنا إلى الأبد بنعمته .
السؤال السابع:
♫ ما معنى الآية : " لأجلهم أقدس أنا ذاتى " ( يو 19:17 )
الجـــواب:
* قال السيد المسيح عن تلاميه : " لأجلهمأقدس أنا ذاتى ، ليكونوا هم أيضاً مقديسين فى الحق " ( يو 19:17 ) ، وهنا نقف أمام عبارة " أقدس أنا ذاتى " وكيف قالها السيد المسيح أو ما هو المعنى المقصود فى كلامه
* التقديس كلمة معناها التخصيص : مثلما قيل : " قدس لى كل بكر " ( خر 2:13 ) .
أى ( خصص لى كل بكر ) والإنسان القديس هو قلب قد تخصص فى محبة الله . وفى الهيكل كان ( القديس ) هو المكان المخصص لرفع البخور . ومائدة خبز الوجوه ، والمنارة ذات السبع سرج . أما ( قدس الأقداس ) فهو المكان المخصص تخصيصاً شديداً لتابوت عهد الرب ، ولا يدخل إليه إلا رئيس الكهنة مرة واحدة فى السنة ، إنه المكان الذى يحل فيه الرب بمجده ويتراءى فوق غطاء التابوت بين الكاروبين الذهب .
* لقداسة هى التخصص فى محبة الله – ولا نستطيع أن نفهم القداسة بعيداً عن حب الله . هذه القداسة التى " بدونها لن يرى أحد الرب " ( عب 14:12 ) ... لآنه بدون أن تكون محبة الله فوق كل شئ لا يمكن أن نحيا فى شركة حقيقية معه .
* وحينما قال السيد المسيح : " لأجلهم أقدس أنا ذاتى " ( يو 19:17 ) ، فإنه فى قوله هذا يختلف عن أى إنسان آخر لأن معناها أنه يخصص ذاته فى تجسده من أجل تلاميذه مثلما قال : " أنا أضع نفسى عن الخراف " ( يو 15:10 ) .
* لقد تدرج السيد المسيح فى إظهار تخصيص ذاته من أجل الكنيسة :
- فقبل الصليب خدم خدمة عجيبة تعب فيها كثيراً من أجل الكرازة بالإنجيل ... وكان يقول عن نفسه إن : " إبن الإنسان لم يأت ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( مت 28:20 ) .
- وفى الصليب وصلت خدمته الباذلة إلى قمتها لأنه " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه " ( يو 13:15 ) .
- وحتى بعد القيامة خصص السيد أربعين يوماً ليمسح أحزان تلاميذه ويبعث فيهم فرح وبقين القيامة .
- وحينما صعد إلى السموات فإنه يشفع أمام الآب لأجلنا " لنا شفيع عند الأب " ( 1 يو 1:2 ) ورآه يوحنا فى سفر الرؤيا فى صورة " خروف قائم كأنه مذبوح " ( رؤ 6:5 ) .
* إن علاقة السيد المسيح بالكنيسة هى علاقة لا تنقطع فالمسيح هو الرأس والكنيسة هى جسده إنها علاقة حب عجيبة هى علاقة عريس منشغل بعروسة المحبوبة .. يخصص ذاته لأجلها .
- ما أعجب أتضاعك أيها الرب يسوع المسيح حيث تقول إنك تخصص ذاتك من أجل الكنيسة .. إنه الاتضاع الناشئ عن الحب .. فالمحبة تستطيع أن تفعل كل شئ .
السؤال الثامن:
♫ ما معنى الأية : " جثا على ركبتيه وصلى " ( لو 41:22 )
الجـــواب:
* فى وقت الشدة والحزن المرير أوصى السيد تلاميذه قائلاً : " صلو لكى لا تدخلوا فى تجربة " ( لو 40:22 ) وكما اوصاهم هكذا فعل ، مقدماً نفسه مثالاً لكل إنسان ونائباً عن البشرية فى أوجاعها وأحزانها التى أستحقتها لسبب الخطية فى أتضاع عجيب جثا على ركبتي وصلى ، بكل الأنسحاق وبنفس منسكبة وفى ضراعة عميقة وصراخ من القلب .. " وإذا كان فى جهاد كان يصلى بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " ( لو 44:22 ) .
* هذه الصلاة الحارة العميقة قد أجذبت أنتباه السمائيين : " وظهر له ملاك من السماء يقوية " ( لو 43:22 ) ربما كان الملاك يردد ذلك النغم الخالد : ( لك القوة والمجد والبركة والعزة ) .. أو كان يردد تسبخ=حة الثلاث تقديسات " ( قدوس الله . قدوس القوى . قدوس الحى الذى لا يموت ) .. أو ليعلن إعجاب السمائيين بذلك الحب العجيب الذى أحتمل الأحزان لأنه " إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم أحبهم إلى المنتهى " ( يو 1:13 ) .. وفى كل الأحوال فإن ظهور الملاك قد أكد مشاركة الجند السمائيين فى وقت التجربة والحزن والألم .
* وقد وصف معلمنا بولس الرسول تلك الصلوات الحارة والمنسحقة التى قدمها السيد المسيح أثناء آلامه وأحزانه فقال : " الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت . وسمع له من أجل تقواه من كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعون سبب خلاص أبدى " . ( عب 5 : 7-9 ) .
* كل ما قيل عن تضرعات السيد المسيح أمام الآب فى وقت الآلام والأحزان ، ينبغى أن ننظر إليه فى ضوء أن الأبن الوحيد قد أخلى ذاته أخذاً صورة عبد ( انظر فى 7:2 ) . لكنه مع هذا بقى هو هو نفسه كلمة الله
القادر على كل شئ ولكن من حيث أنه قد تجسد وصار نائباً عن البشرية " إذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت .. موت الصليب " ( فى 8:2 ) .
* ولذلك يقول : " مع كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به " ( عب 8:5 ) أى أنه مع كونه ابن الله الذى له نفس الجوهر مع الآب وقدراته وإرادته فإنه كنائب عن البشرية قد أظهر الطاعة فى قبول للآلام والأحزان ، مرضياً لقلب الآب السماوى .
* وهى فى صلاته وتضرعة كان يطلب من أجل خلاص البشرية من براثن الموت وقبضته . وقد أقامه الآب من الأموات بنفس القدرة الإلهية التى أقام بها هو نفسه والتى أقامه بها الروح القدس . لأن قدرة الثالوث هى قدرة إلهية واحدة . ولكنه مع كونه ابناً قد تضرع إلى الآب من أجل القيامة من الأموات لأنه فى هذا قد ناب عن البشرية فى استرضاء قلب الآب السماوى وفى إيفاء العدل الإلهى حقه بالكامل ، وفى الحصول على الحياة الأبدية .
* ويقول الكتاب : " وسمع له من أجل تقواه " ( عب 7:5 ) فلم يكن الأمر تنازلاً عن حق العدل الإلهى الذى لا يمكن أن يتغير بل بالفعل أو فى الإنسان يسوع المسيح حق العدل الإلهى ، وإستجاب الآب لما طلبه ابن الإنسان البار القدوس الذى بلا خطية ، حينما قدم نفسه ذبيحة إثم " حمل خطايا كثيرين وشفع فى المذنبين " ( إش 12:53 ) .
السؤال التاسع:
♫ ما معنى الآية : " سربأن يسحقه بالحزن " ( إش 10:35 )
الجـــواب:
* لماذا سر الآب بأن يسحق الأبن المتجسد بالحزن
- كانت مسرة قلب الآب أن يصالح العالم لنفسه فى المسيح . هذه المسرة ملؤها التضحية ودافعها المحبة .. لم يكن الخصام بين الله والإنسان شيئاً يسر قلب الله . ولم يكن ممكناً أن تتم المصالحة بدون سفك دم ، وبدون كفارة حقيقية تستعلن فيها قداسة الله كرافض للشر والخطية فى حياة الإنسان .
* وفى كل ذلك أحتمل السيد المسيح فى طاعة كاملة لأبيه السماوى ، وفى اتضاع عجيب احتمل كل الحزان التى تفوق الوصف . وقال بفم إشعياء النبى : " السيد الرب فتح لى أذناً وأنا لم أعاند . إلى الوراء لم أرتد . بذلت ظهرى للضاربين وخدى للناتفين . وجهى لم أستر عن العار والبصق " ( إش 50 : 5 ، 6 ) .
السؤال العاشر:
♫ ما معنى الآية : " أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم " ( يو 17:20 )
الجـــواب:
* ارتضى السيد المسيح فى اتضاعه أن يحسب نفسه ضمن إخواته من البشر " لأنه كان ينبغى أن يشبه إخواته فى كل شئ بلا خطية " ( عب 17:2 ) لهذا قال لمريم المجدالية : " اذهبى إلى إخواتى وقولى لهم إنى أصعد إلى أبى وابيكم وإلهكم " ( يو 17:20 ) .
* ولكن من المعلوم أن أبوة الآب للسيد المسيح شئ وأبوته للبشر شئ أخر . فالسيد المسيح هو ابن الله بالطبيعة ( بحسب لاهوته ) ، أما نحن فأبناء الله بالتبنى . كذلك هناك فرق بين وضعنا كعبيد لله ، ووضع السيد المسيح الذى أخذ صورة عبد . فنحن عبيد بحكم وضعنا كمخلوقين ، أما السيد المسيح فهو الخالق الذى أخلى ذاته وتجسد أخذاً صورة عبد ، ووجد فى الهيئة كإنسان ، وصار أبناً للإنسان .
* الفرق بين كرامة السيد المسيح وكرامة إنسان مثل موسى النبى ، شرحه معلمنا بولس الرسول وقال : " فإن هذا قد حسب أهلاً لمجد أكثر من موسى . بمقدار ما لبانى البيت من كرامة أكثر من البيت . لأن كل بيت يبنبة إنسان ما . ولكن بانى الكل هو الله " . ( عب 3 : 3 ، 4 ) أى أن الفرق فى الكرامة بين السيد المسيح وموسى النبى ، هو الفرق بين كرتمة الخالق وكرامة المخلوق .
♪ بنوة المسيح للآب :
* السيد المسيح هو ابن الله الوحيد الجنس ( مونوجينيس إيوس ) .. هو الوحيد الذى له نفس طبيعة الآب وجوهره بالولادة الأزلية من الآب ، لذلك دعى بلقب " الوحيد " .
- وكل ولادة أخرى من الله هى التبنى ، وليس بحسب الطبيعة والجوهر . ولادة الابن الوحيد مكن الآب قبل كل الدهور هى مثل ولادة الشعاع من النور بنفس طبيعة وجوهره .
* وكما يقول قداسة البابا شنودة الثالث : إن لقب السيد المسيح هو الكلمة ( اللوغوس ) بمعنى أن لقبه هو ( العقل الإلهى المنطوق به ) .
* فأقنوم الابن ( الكلمة ) حسب تعليم القديس كيرلس الكبير ، له ولادتان :
- الولادة الأولى : أزلية من الآب بحسب ألوهيته .
- الولادة الثانية : فى ملئ الزمان من العذراء مريم بحسب إنسانيته .
- يقول معلمنا بولس الرسول : " يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد " ( عب 8:13 ) . أى أنه هو نفسه فى الماضى والحاضر والمستقبل ، قبل التجسد وفى التجسد وإلى أبد الدهور . أى أن الذى ولد من الآب قبل كل الدهور ، هو هو نفسه الذى تجسد من العذراء فى ملء الزمان وولد منها بحسب الجسد ، وسيبقى هو نفسه إلى الأبد .
- وهو يبخر ما بين الخورس الأول والخورس الثانى فى الكنيسة فى دورة بخور عشية وباكر وفى دورة البولس فى القداس الإلهى إذ يقول " ( يسوع المسيح هوهو أمساً واليوم وإلى الأبد ، بأقنوم واحد نسجد له ونمجده ) .. أبن الله الأزلى هوهو نفسه أبن الإنسان ، هو كلمة الله الذى أخذ جسداً من العذراء مريم – بفعل الروح القدس – جاعلاً إياه جسده الخاص .
* وكل ما ينسب إلى جسد الكلمة الخاص ينسب إلى الكلمة مثل الولادة والألم والموت .. مع أنه أن الكلمة بحسب طبيعته الإلهية لا يحتاج إلى ولادة جديدة ، ولا يتألم ، ولا يموت ، ولكن إذ صار له جسد ، فقد تألم ومات بحسب هذا الجسد ناسباً إلى نفسه كل ما يخص جسده الخاص .
- لهذا دعيت العذراء مريم : ( ولدة الإله = ثيئوطوكوس = Theotokos ) ، إذ أن الذى ولد منها هو الإله الحقيقى كلمة الله المتجسد . وقد ( ولدت الله الكلمة الحقيقة ) كما نقول فة المجمع فى القداس الإلهى . وكما نردد فى لحن مرد الإبركسيس أيضاً فى القداس الإلهى : ( التى ولدت لنا الله الكلمة ) .
♪ أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له :
* لقد أخذ السيد المسيح صورة عبد ، لكى نصير نحن على صورة الله ومثاله . وقبل السيد المسيح أن يصير أبناً للإنسان لكى نصير نحن أولاد الله . لهذا كان يحلو له أن يدعو الرسل إخواته " أذهبى إلى إخواتى وقولى لهم " ( يو 17:20 ) .
* وقد كتب عنه المزمور : " أخبر بإسمك إخواتى فى وسط الجماعة أسبحك " . ( مز 22:22 ) .
* ويقول معلمنا بولس الرسول : " لأنه لاق بذاك الذى من أجله الكل . وبه الكل . وهو آت بأبناء كثيرين إلى
المجد . أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام . لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم إخوة قائلاً : " أخبر باسمك إخواتى فى وسط الكنيسة أسبحك " ( عب 2 : 10 – 12 ) .
* أخذ السيد المسيح النبوة للإنسان ( التى تخصنا نحن ) ، وأعطانا النبوة لله ( التى تخصه هو ) لهذا قال لمريم المجدالية بعد قيامته من الأموات : " إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم " ( يو 17:20 ) .
* بنزوله من السماء أخذ منا النبوة للإنسان وبصعوده إلى السماء منحنا النبوة لله ، إذ أرسل الروح القدس الذى يلدنا فى المعمودية من الله ، ويصيرنا أولاداً لله بالتبنى على صورة الله ومثاله .
السؤال الحادى عشر:
♫ ما معنى الآية : " بكر كل خليقة " ( كو 15:1 )
الجـــواب:
* بالرجوع إلى أقوى المراجع اللغوية للغة اليونانية أتضح مايلى :
- إن ترجة كلمة ( بروتوتوكوس οςκτωοτωρπ ) التى ترجمت فى الترجمة العربي البيروتية ( بكر ) هى ترجمة غير دقيقة ، لأن كلمة بروتوتوكوس كلمة مركبة من كلمتين هما :
- الفعل ωκκιτ بمعنى يلد .
- ςοτωρπ وهى صيغة مبالغة التفضيل من ορπ التى تعنى ( قبل – سابق – متفوق ) من حيث الزمان والمكان والمنزلة والترتيب والأهمية .
* وبالتالى يصير معنى العبارة :
- كائن قبل كل الخليقة : Existing before all creation .
- أو متفوق على ( أعلى وأسمى من ) كل الخليقة : Superior to all creation .
- أو متميز بتفوق على كل الخليقة Preeminent over all creation .
* وهذا المعنى هو الذى أجتمعت عليه أحدث وأقوى ترجمات الكتاب المقدس التى يصدرها الاتحاد العالمى لجميعات الكتاب U . B . S . باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
السؤال الثانى عشر:
♫ما معنى الية : " بداءة خليقة الله " ( رؤ 14:3 )
الجـــواب:
* وردت هذه العبارة فى الترجمة العربية البيروتية ولكن رجعنا إلى النص الأصلى باللغة اليونانية نجد أن صحتها " أول سبب لخليقة الله " أو " مصدر خليقة الله " أو " الذى يسود على خليقة الله " لأن كلمة أرشى : ηχρα تعنى ( أصل – رأس مسبب – الذى يبدأ به شئ فى الوجود ) ، ولها معان أخرى ( سيادة – سلطة – سطوة – ملكية تامة ) أما فى الكناية عن أشخاص فلا تدل على زمن بل على أسبقية وسيادة وتفوق ، وهو المعنى الوارد فى هذه الآية ، بذلك تكون الترجمة الصحيحة لها : ( أصل أو مسبب خليقة الله Origin or cause ) ... وبالمقل فإن U . B . S . قد اعتمدت هذه الترجمة عن اليونانية فى أحدث إصدارات العهد الجديد باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
السؤال الثالث عشر:
♫ما معنى الأية : " مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تألم به " ( عب 8:5 )
الجـــواب:
* ابن الله الكلمة لا يمكن أن يتألم من حيث اللاهوت
مائة سؤال وجواب فى العقيدة المسيحية الأرثوذكسية
لنيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوى
مطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى وسكرتير المجمع المقدس
ورئيس دير القديسة دميانة
السؤال الأول : ما معنى كلمة أقنوم
كلمة أقنوم باليونانية هى هيبوستاسيس ، وهى مكونة من من مقطعين:
هيبو وتعنى تحت ، وستاسيس وتعنى قائم أو واقف
وبهذا فإن كلمة هيبوستاسيس تعنى تحت القائم ولاهوتياً معناها ما يقوم عليه الجوهر أو ما يقوم فيه الجوهر أو الطبيعة .
والأقنوم هو كائن حقيقى له شخصيته الخاصة به وله إرادة
ولكنه واحد فى الجوهر والطبيعة مع الأقنومين الآخرين بغير إنفصال .
السؤال الثانى: من هم الأقانيم الثلاثة
الأقانيم الثلاثة هم الآب والأبن والروح القدس:
+ فالآب هو الله من حيث الجوهر ، وهو الأصل من حيث الأقنوم .
+ والأبن هو الله من حيث الجوهر ، وهو المولود من حيث الأقنوم .
+ والروح القدس هو الله من حيث الجوهر ، وهو المنبثق من حيث الأقنوم .
السؤال الثالث: كيف أن الجوهر الإلهى واحد ومع هذا فإن هناك ثلاثة أقانيم متمايزة ومتساوية
لشرح فكرة الجوهر الواحد لثلاثة أقانيم متمايزة و متساوية فى الجوهر نأخذ مثالاً:
مثلث من الذهب الخالص له ثلاثة زوايا متساوية أ ، ب ، جـ
- الرأس ( أ ) هو ذهب من حيث الجوهر .
- الرأس ( ب ) هو ذهب من حيث الجوهر .
- الرأس ( جـ ) هو ذهب من حيث الجوهر .
فالرؤوس الثلاثة لهم جوهر واحد ، وكينونة واحدة ، وذهب واحد ، وهو جوهر المثلث .
ولكن ( أ ) ليس نفسه هو (ب)
( ب ) ليس نفسه هو ( جـ )
( جـ ) ليس نفسه هو ( أ ) .
لأن ( أ ) لو كان هو ( ب ) [نطبق الضلع ( أجـ ) على الضلع ( ب جـ ) وبذلك ينعدم الذهب .
* لو طبقنا نفس الفكرة بالنسبة للثالوث القدوس:
+ الآب هو الله من حيث الجوهر .
+ الأبن هو الله من حيث الجوهر .
+ الروح القدس هو الله من حيث الجوهر .
والثلاثة يتساوون فى الجوهر ، والجوهر نفسه الإلهى هو فى الآب والأبن والروح القدس .
ولكن الآب ليس هو نفسه الأبن وليس هو نفسه الروح القدس
وكذلك الأبن ليس هو نفسه الروح القدس وليس هو نفسه الآب
وكذلك الروح القدس ليس هو نفسه الآب وليس هو نفسه الأبن .
السؤال الرابع : هل يمكننا أن نقول إن الكينونة فى الثالوث القدوس قاصرة على الآب وحده والعقل قاصر على الإبن وحده والحياة قاصرة على الروح القدس وحده
لا ... لا يمكننا أن نقول هكذا ، فينبغى أن نلاحظ أنه طبقاً لتعاليم الآباء فإن الكينونة أو الجوهر ليس قاصراً على الآب وحده .
ففى قداس القديس غريغوريوس النزينزى نخاطب الإبن ونقول:
"أيها الكائن الذى كان والدائم إلى الأبد"
لأن الآب له كينونة حقيقية وهو الأصل فى الكينونة بالنسبة للإبن والروح القدس ، والإبن ل كينونة حقيقية بالولادة الأزلية ، والروح القدس له كينونة حقيقية بالإنبثاق الأزلى ، ولكن ليس الواحد منهم منفصلاً فى كينونته أو جوهره عن الآخرين .
+ وكذلك العقل ليس قاصراً على الإبن وحده ، لأن الآب له صفة العقل والإبن له صفة العقل والروح القدس له صفة العقل ، لأن هذه الصفة من صفات الجوهر الإلهى .
وكما قال القديس أثناسيوس:
+ "إن صفات الآب هى بعينها صفات الإبن إلا صفة واحدة وهى أن الآب آب والإبن إبن .
ثم لماذا تكون صفات الآب هى بعينها صفات الإبن إلا لكون الإبن هو من الآب وحاملاً لذات جوهر الآب" .
ولكننا نقول أن الإبن هو الكلمة "اللوغوس" أو العقل المولود أو العقل المنطوق به ، أما مصدر العقل المولود فهو الآب .
+ وبالنسبة لخاصية الحياة فهى أيضاً ليست قاصرة على الروح القدس وحده لأن الآب له صفة الحياة والإبن له صفة الحياة والروح القدس له صفة الحياة ، لأن الحياة هى من صفات الجوهر الإلهى .. والسيد المسيح قال:
"كما أن الآب له حياة فى ذاته كذلك أعطى الإبن أيضاً أن تكون له حياة فى ذاته"
"يو 26:5" .
وقيل عن السيد المسيح بإعتباره كلمة الله:
"فيه كانت الحياة" "يو 4:1" .
ولكن الروح القدس نظراً لأنه هو الذى يمنح الحياة للخليقة لذلك قيل عنه أنه هو:
(الرب المحيى) "حسب قانون الإيمان والقداس الكيرلسى" ، وكذلك أنه هو (رازق الحياة) أو (معطى الحياة) "حسب صلاة الساعة الثالثة" .
+ من الخطورة أن ننسب الكينونة إلى الآب وحده ، والعقل للإبن وحده ، والحياة إلى الروح القدس وحده لأننا فى هذه الحالة نقسم الجوهر الإلهى الواحد إلى ثلاث جواهر مختلفة .
أو ربما يؤدى الأمر إلى أن ننسب الجوهر إلى الآب وحده "طالما أن له وحده الكينونة" وبهذا ننفى الجوهر عن الإبن والروح القدس ، أو نلغى كينونتيهما ويتحولان بذلك إلى صفات لإقنوم إلهى وحيد هو إقنوم الآب .
السؤال الخامس: هل هناك علاقة بين طبيعة الله "الله محبة" وبين فهمنا للثالوث القدوس
نعم هناك علاقة أكيدة:
+ إن مفتاح المسيحية - كما نعلم - هو أن "الله محبة" (1يو 4 : 8 ، 16) .
ونحن نسأل من كان الآب يحب قبل أن يخلق العالم والملائكة والبشر
إذا أحب الآب نفسه يكون أنانياً (ego - centeric ) ، وحاشا لله أن يكون هكذا ، إذاً لابد من وجود محبوب كما قال السيد فى مناجاته للآب قبل الصليب .. "لأنك أحببتنى قبل إنشاء العالم" (يو 24:17) ..
وبوجود الإبن قبل إنشاء العالم وفوق الزمان أى قبل كل الدهور; يمكن أن نصف الله بالحب أزلياً وليس كأن الحب شئ حادث أو مستحدث بالنسبة للآب .
فالأبوة والحب متلازمان ، طالما وجدت الأبوة فناك المحبة بين الآب والإبن .
+ ولكن الحب لا يصير كاملاً إلا بوجود الأقنوم الثالث ، لأن الحب نحو الأنا هو أنانية وليس حباً ، والحب الذى يتجه نحو الآخر الذى ليس آخر سواه (المنحصر فى آخر وحيد) هو حب متخصص رافض للإحتواء (exclusive love ) بمعنى أنه حب ناقص ..
ولكن الحب المثالى هو الذى يتجه نحو الآخر وإلى كل من هو آخر ( inclusive love ) وهنا تبرز أهمية وجود الأقنوم الثالث من أجل كمال المحبة .
+ وإذا وُجدت الخليقة فى أى وقت وفى أى مكان فهى تدخل فى نطاق هذا الحب اللانهائى ، لأن مثلث الحب هنا هو بلا حدود ولا مقاييس ..
هذا الحب اللانهائى الكامل يتجه نحو الخليقة حيثما وحينما توجد ، كما قال السيد المسيح للآب:
"ليكون فيهم الحب الذى أحببتنى به وأكون أنا فيهم" ( يو26:17 ) .. إن الحب الكامل هو الحب بين الأقانيم الثلاثة وهذا هو أعظم حب فى الوجود كله .
+ لكن يسأل سائل لماذا لا تكون الأقانيم أربعة أو خمسة
وللرد نقول أن أى شىء ناقص فى الله يعتبر ضد كماله الإلهى ، كما أن شىء يزيد بلا داع يعتبر ضد كماله الإلهى .
إن مساحة المثلث هى ما لانهاية ، ومثلث الحب هذا يتسع حتى يشمل كل الخليقة ، فأى كائن يقع داخل نطاق المثلث يشمله الحب ، فما الداعى لرأس رابع أو خامس!
ا للـــــــــــه ثالـــــــــــوث ( وحدانية الله جامعة )
وأمام محيط واسع وعميق من الإعلانات الألهية الواضحة عن حقيقة الثالوث نقف الآن .ولكن قبل الكلام عن هذا الحق الجوهرى لابد أن نشير إلى حقيقة هامة وهى:
1-وحدانية الله..
وذلك بسرد قليل من الآيات الكثيرة التى فى كلمة الله .
" إسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد " تثنيـــة 6: 4 .
" إنك قد أريت لتعلم أن الرب هو الإله ليس آخر سواه " تثنيـــة 4: 35 .
" ... لكى تعرفوا وتؤمنوا بى وتفهموا أنى أنا هو .قبلى لم يصور إله وبعدى لا
يكون" إشعياء 43: 11 ، 45: 5 .
" أنت تؤمن أن الله واحد . حسناً تفعل " يعقوب 2: 19 .
وهذه الآيات تعرفنا أن الله واحد . ولكن ترى أى وحدانية تلك إنها
2- وحدانية اللــــه الجامعة..
لا يقدر مخلوق أن يعرف الله كما هو ، وإنما يمكننا أن نعرف بما نميزه عن كل ما سواه ، كقولنا : أن الله روح ، غير مخلوق ، سرمدى ، غير متغير فى وجوده وقدرته وقداسته وعدله وجودته وحقه ، وجميع قوانين الإيمان المسيحى صدرت فى عبارات تصرح بهذه الحقيقة .
فالقانون النيقوى مثلاً: يبدأ بالقول :"نؤمن بإله واحد ". ولكن هذه الوحدانية تختلف عما عداها ، وذلك فى المسيحية فقط ، لأنها تؤمن بشخصية الله . أى أنها تؤمن بأن هذا الإله الواحد ليس مجرد قوة أو شىء ، بل هو شخص حى عاقل ، واجب الوجود بذاته ، له مقومات الشخصية فى أكمل ما يمكن أن تشتمل عليه هذه المقومات من معان .
وإذا كان من المٌسلم به أن الشخصية تقوم دوماً على ثلاثة أركان هى : الفكر والشعور والإرادة ، وأن الله هو الشخصية الوحيدة الكاملة إذا قورن بغيره من شخصيات خلائقه ، لذلك كان لابد أن نعرف شخصيةالله بأنها:
الشخصية الوحيدة الفكر والشعور والإرادة - إذ هو أول كل شىء الإله المدرك لذاته . والمدرك لكل شىء صنعه . وتؤمن المسيحية بأن هذا الإله ، الشخص الحى الواحد ، ليس جسماً مادياً يمكن أن يرى أو يلمس أو يدرك بالحواس البشرية ، فهو كما قال المسيح
" روح"وهو أيضاً " أبو الأرواح " عبرانيين 12: 9.
بيد أن المسيحي يؤمن بأن وحدانية الله جامعة ، أى أن الله ذو ثلاثة أقانيم : الآب والإبن والروح القدس ، وهؤلاء الثلاثة هم واحد ولهم جوهر واحد .
بناء على ما تقدم ، إذا قلنا أن الله مثلث الأقانيم وإذا قلنا أنه واحد فى الجوهر فهذا ليس معناه ، على الإطلاق ، أنه هو ثلاثة أو أنه واحد . ليس هو ثلاثة بمعنى العدد. العدد لا علاقة له بالله . لا يستطيع الإنسان أن يعد إلا المحسوسات . الله لا يعد لأن من عده فقد حده .
ومن المعروف أن تعليم وحدانية الله وتمايز الأقانيم أحدها عن الآخر ومساوتها فى الجوهر ، ونسبة أحدها للآخر ،لم يردبه فى الكتاب المقدس جملة واحدة بالتصريح به ، بل فى آيات متفرقة . غير أن جوهر هذه الأمور منصوص عليه من أول الكتاب إلى آخره .
السؤال الأول:
♫ما معنى : " إذ كان فى صورة الله " ( فى 6:2 )
الجـــواب:
* قال معلمنا بولس الرسول : " فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً " الذى إذ كان فى صورة الله لم يحسب مساواته لله اختلاساً . لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً فى شبه الناس . وإذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " ( فى 5:2 – 8 ) .
* كلمة ( صورة ) التى وردت فى النص السابق عن صورة الله وصورة العبد باللغة اليونانية هى ( مورفى ηфρμΟ ) بمعنى الصورة مع الطبيعة ، وليس ( إيكون νωкιε ) اليونانية بمعنى الصورة الخارجية بدون الطبيعة ، فالصورة الخارجية لا تحمل نفس الطبيعة ، مثل واحد التقطت له صورة – هذه الصورة مادتها مجرد ورق وألوان – ولكن صاحب الصورة هو إنسان ، ففى هذه الحالة الصورة طبيعتها غير طبيعة الأصل ، وإن كانت تعلن عن الاصل إلا أنها مجرد صورة ، وتسمى ( إيكون νωкιε ) .
ومثال أخر : الإنسان ، فهو على صورة الله ولكن طبيعته غير طبيعة الأصل أى الله فالإنسان مخلوق والله خالق ... هناك فرق واضح فى الطبيعة .
* أما كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) التى قيلت عن الابن الوحيد فى علاقته مع الآب فهى تعنى الصورة التى تحمل الطبيعة نفسها فالابن الكلمة حمل صورة أبيه القدوس ، وحمل نفس طبيعة وجوهره بغير انقسام . وفى تجسده أيضاً حمل نفس طبيعتها البشرية – بغير خطية – جاعلاً إياها واحداً مع لاهوته . ولهذا فقد استخدم أيضاً القديس بولس فى نفس النص السابق كلمة ( مورفى ηфρμΟ ) للإشارة إلى صورة العبد التى اتخذها كلمة الله ، بمعنى أنه أخذ طبيعة بشرية حقيقة .
السؤال الثانى:
♫ ما معنى : " أخلى نفسه " ( فى 6:2 )
الجـــواب:
* إذ كان فى صورة الله ... أخلى نفسه " معناها أنه قبل أن يوجد فى هيئة غير محاطة بالمجد المنظور لكن لا تعنى أنه أفرغ المحتوى الخاص به من طبيعته الأصلية بحيث أنه يكون قد فقد طبيعته ، فعبارة " أخلى نفسه " تعنى أنه وجد فى هيئة غير محاطة فى ظهوره فى الجسد بمجده المنظور – الذى تراه الكائنات العاقلة مثل الملائكة – محيطاً بلاهوته .
* الأمر الجميل ، أنه مع هذا يقول القديس يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " ( يو 14:1 ) ... السيد المسيح أخلى نفسه من المجد المنظور الذى يليق بطبيعته الإلهية التى هى نفسها طبيعة الآب والروح القدس .
وبالرغم من أنه عندما إلتحف بالناسوتية وأخفى هذا المجد المظور ، ظل أيضاً محتفظاً بمجده غير المنظور فى البعد الروحى الذى قال عنه يوحنا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة حقاً " .
* وشعاع من المجد قال عنه بطرس الرسول : " رأينا مجده إذ كنا معه فى الجبل إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى " ( 2بط 17:1 ) فهذا شعاع من المجد المنظور على جبل التجلى قبل الصليب ، لكى يقدم للتلاميذ معونة تسندهم فى وقت التجربة الرهيبة عند آلامه وصلبه وموته المحيى على الصليب .
* لكن العجيب أنه وجد فى صورة عبد وليس هذا فقط بل " إذ وجد فى الهيئة كإنسان ، وضع نفسه وأطاع حتى الموت " ( فى 8:2 ) كلمة هيئة باليونانى ( سيكما αχημσ ) مثلما نقول : ( إسكيم ) الرهبنة أى ( شكل ) الرهبنة .
* مجرد أنه أخلى نفسه كإله بالتجسد ، فهذا عمل عظيم جداً . ولكنه هذا لم يكفه، بل بعد أن أخلى نفسه آخذاً صورة عبد ، فمن حيث تصرفه كإنسان قال : " وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " . فهو أخلى نفسه ولم يكتف بذلك بل وضع نفسه كإنسان فى طاعة للآب ، ووضع نفسه تحت الجميع حتى أنه غسل أرجل تلاميذه ثم احتمل الآلام والاهانات والتعييرات التى لا توصف ... فحتى كإنسان كان متضعاً ووديعاً لكى يكون هو المثل والقدوة .
السؤال الثالث:
♫ ما معنى عبارة : " أهيه الذى أهيه " ( خر 14:3 )
الجـــواب:
* جاء فى سفر الخروج فى العهد القديم " فقال موسى لله ها أنا آتى إلى بنى إسرائيل وأقول لهم إله آبائكم أرسلنى إليكم فإذا قالوا لى ما اسمه فماذا أقول لهم . فقال الله لموسى : أهيه الذى أهيمه . وقال هكذا تقول لبنى إسرائيل أهيه أرسلنى إليكم " "خر 3 : 13 ، 14" . باللغة العبرية كلمة "أهيه" تعنى "أنا أكون" ، وكلمة "يهوه" تعنى "هو يكون" أي "الكائن".
* فهذه العبارة " أهيه أشير أهيه " تعنى " أنا أكون الذى أكون " ومدلول الكلمة هنا أن الله يريد أن يقول أنه الكائن وكينونته غير مصنوعة من خالق آخر خلقه ، فهو كائن بطبيعته فأى كائن آخر غير الله كينونته مصنوعة أو مخلوقة .
* وعند بعض المفسرين " أكون الذى أكون " تعنى أن الله يقول عن نفسه إننى الكائن الذى سوف يكون حاضراً باستمرار ، ليحقق مواعيده ويمنح إحساناته وعطاياه فى كل زمان ومكان .
السؤال الرابع:
♫ ما تفسير قول السيد المسيح للآب " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " ( يو 3:17 )
الجـــواب:
* جاء السيد المسيح إلى العالم ليقود إلى التحرر من العبادة الوثنية بعبادة الإله الحقيقى إله إبراهيم . وليعرف العالم أن الإله الخالق هو نفسه الإله المخلص الذى أحب العالم " حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " . ( يو 16:3 ) .
* هناك شرطان للوصول إلى الحياة الأبدية :
- الشرط الاول : أن يعرف الانسان أن يهوه هو الإله الحقيقى وحده ، رافضاً الآلهة الوثنية التى ليست بالحقيقة آلهة .
- الشرط الثانى : أن يؤمن بأن يهوه الآب قد أحب العالم حتى أرسل ابنه الوحيد فادياً ومخلصاً للعالم بذبيحة الصليب . وأن يتبع تعليم السيد المسيح المرسل من الآب إلى العالم .
* ومما يؤكد قصد السيد المسيح بعبارة : " أنت الإله الحقيقى وحدك " ماذكره معلمنا بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس " فمن جهة أكل ماذبح للأوثان نعلم أن ليس وثن فى العالم ، وأن ليس إله واحداً . لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة ، سواء كان فى السماء أو على الارض ، كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . لكن لنا إله واحد الآب الذى منه جميع الأشياء ونحن له . ورب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به " ( 1كو 4:8 – 8 ) .
فمن الواضح هنا فى تأكيد عقيدة الإله الواحد ، أن الرسول يرفض كل الآلهة الأخرى الوثنية المسماة آلهة والتى هى ليست آلهة حقيقية .
* وحينما يقال عن الآب أنه هو الإله الحقيقى وحده ، فالمقصود أنه بجوهره الالهى يسمو على جميع الآلهة الوثنية الأخرى وينفرد بالألوهه الحقيقية .
ولكن ليس الآب إلهاً بجوهره مستقل والابن إلهاً بجوهر مستقل أخر ، بل إن الآب وكلمته هما جوهر واحد وطبيعته واحدة .
* الآب أقنوم متمايز عن أقنوم الابن ، ولكن ليس التمايز فى الجوهر أو الوجود أو الكينونة ، بل فى حالة الوجود أو حالة الكينونة . فالآب مثل الينبوع والابن مثل التيار المولود منه بغير تقسيم . فإن كان الآب هو الإله الحقيقى وحده بين جميع الآلهة ، فإن الابن هو " اله حق من إله حق " مثلما نقول فى قانون الإيمان . والآب والابن والروح القدس إله واحد فى الجوهر ، وإن كانوا ثلاثة أقانيم متساوية فى المجد والكرامة والقدرة الأزلية وكل الصفات الإلهية .
* ومن الامور الملفتة للنظر أن القديس بولس الرسول بصيغة المترادفات : " كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . ولكن لنا إله واحد الآب ... ورب واحد يسوع المسيح " . ( اكو 5:8 – 6 ) فهو يتحدث عن تعدد الآلهة والارباب ولكن فى الايمان المسيحى لا يوجد مثل هذا التعدد فيقول : " لنا إله واحد : الآب ... ورب واحد : يسوع المسيح " وهو بقوله : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " لم يستبعد الآب من أن يكون رباً . وكذلك وبنفس الإصرار بقوله : " لنا إله واحد الآب " لم يستبعد يسوع المسيح أن يكون إلهاً ولكنه يقصد أنه طالما نؤمن بالإله الواحد المثلث الأقانيم فهذا هو الإله الواحد والرب الواحد تحقيقاً لقول الكتاب :
- " أسمع يا إسرائيل الرب رب واحد " ( تث 6:6 ) .
- " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( لو 8:4 ، تث 13:6 ) .
* فإذا قيلت هذه العبارة : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " فهى عبارة قاطعة تثبت أن يسوع المسيح هو الإله الحقيقى الذى هو مع أبيه والروح القدس جوهر واحد ولاهوت واحد نسجد له ونمجده .
* كذلك ورد فى رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس قوله : " رب واحد . إيمان واحد . معمودية واحدة . وآب واحد للكل . الذى على الكل وبالكل وفى كلكم " . ( أف 5:4 ، 6 ) .
وفى ذلك يتحقق نفس المعنى المقصود فى القول السابق عن الرب الواحد والإله الواحد . لقد قال السيد المسيح : " أنا والآب واحد " ( يو 30:10 ) . بمعنى أنهما إله واحد ورب واحد . فإن قيل عن الآب إنه إله واحد فالمقصود عدم وجود آلهة أخرى غير الآب وكلمته وروحه ، وإن قيل عن الابن رب واحد فالمقصود هو عدم وجود أرباب أخرى غير الابن والآب والروح القدس الذين هم واحد فى الربوبية كما فى الألوهية : ثالوث واحد نسجد له ونمجده .
السؤال الخامس:
♫ ما معنى الآية : " أنا مجدتك على الأرض " ( يو 4:17 )
الجـــواب:
* كيف مجد الابن المتجسد أباه السماوى فى تجسده وظهوره فى العالم
عن هذا الأمر كتب القديس يوحنا فى أنجيلة عن الكلمة الذى صار جسداً وحل بيننا : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً ... ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا . نعمة فوق نعمة . لأن الناموس بموسـى
أعطى أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صاراً " ( يو 14:1 ، 16 ، 17 ) . إنها كلمات عجيبة قالها تلميذ الرب يوحنا الرسول : " رأينا مجده كما لوحيد من الآب ) أى أن المجد الذى رآه التلاميذ هو ما يليق بإبن الله الوحيد .
* ترى ما هو هذا المجد الذى عناه يوحنا ، التلميذ الذى كان يسوع يحبه
هل يقصد رؤيته للسيد متجلياً على جبل طابور حينما صعد إلى الجبل ليصلى وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا " وتغيرت هيئتة قدامهم ، وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابة بيضاء كالنور " ( مت 2:17 ) . ذلك المنظر الذى قال عنه القديس بطرس الرسول : " كنا معاينين عظيمته . لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجداً إذ أقبل عليه صوت كهذا من المجد الأسنى هذا هو ابنى الحبيب الذى أنا به . ونحن سمعنا هذا الصوت مقبلاً من السماء إذ كنا معه فى الجبل المقدس " ( 2بط 16:1 – 18 ) . بلا شك هذه الرؤيا أو هذا المنظر قد ترك أثراً عميقاً فى أذهان الرسل الثلاثة حينما أبصروا شعاعاً من مجد الابن الوحيد .
* وقد كتب القديس بولس الرسول أن الله قد كلمنا فى ابنه ، وقال عن ابن الله أنه هو " بهاء مجده " ( عب 3:1 ) . باللعة الإنجليزية ( K . J . V ) Brightness of His Glory أى ( لمعان مجده ) بمعنى لمعان مجد الآب .
* ولكن المسألة فى الحقيقة لم تكن قاصرة على منظر التجلى البديع ، وذلك فى ذهن القديس يوحنا الانجيلى حينما كتب : " ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " ( يو 14:1 ) . لأنه من الواضح أنه قد ربط رؤيته لهذا المجد هو وغيره بما رأوه فى المسيح من ملء النعمة والحق .
* إن الشيطان يستطيع أن يغير شكله لإلى شبه ملاك نور ، ويمكنه أن يبهر الناس بمناظر وأفعال خارقة . ولهذا فإن السيد المسيح لم يظهر مجده فقط بمنظره النورانى على جبل محبته ... بل ظهرت ملامح هذا المجد فى كل جوانب سيرته وحياته ، بما فى ذلك مجد محبته ومجد تواضعه ... وهكذا نستطيع أن نميز بين المجد الزائف والمجد الحقيقى ، بين المجد الظاهرى والمجد الأصيل .
♪ " فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً : ( كو 9:2 ) .
* كتب معلمنا بولس الرسول عن السيد المسيح : " فإن فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً " ( كو 9:2 ) .
* لقد اتحد أقنوم الكلمة ( اللوغوس ) بالطبيعة البشرية الكاملة التى أخذها من العذراء مريم منذ اللحظة الأولى للتجسد . وصارت الصفات الإلهية جميعها هى من خصائص الابن المتجسد الذى تجسد بطبيعة واحدة تجمع خصائص الطبيعتين دون أن تتلاشى واحدة منها فى الآخرى . ولكن أمكن أن نرى كل صفات اللاهوت فى الابن المتجسد الواحد . لهذا قال السيد المسيح لتلاميذه : " الذى رآنى فقد رآى الآب " ( يو 9:14 ) . وقال معلمنا بولس الرسول إن : " الله ظهر فى الجسد " ( 1تى 16:3 ) . لآن المسيح هو " صورة الله غير المنظور " ( كو 15:1 ) . وهذا يشرح قول القديس يوحنا الإنجيلى : " رأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً " .
* كان السيد المسيح " مملوءاً نعمة وحقاً " ، وفيه " يحل كل ملء اللهوت جسدياً " . رأى التلاميذ فى السيد المسيح صلاح الله ، وبره ، وقداسته ، وخيريته ، وطول أناته ، ورحمته ، ومحبته ، وقوته ، وسعيه لخلاص الناس ، وما فيه من حق وعدل وحزم ورفض للشر . تلامسوا مع وداعته ورقته وصفحه وغفرانه العجيب للخطاة التئبين من كل قلوبهم ، وتلامسوا مع عنايته بالمرضى والمعذبين وسعيه لإراحتهم ، رأوه وهو يتحنن على الجموع ويشفق عليهم ويمنح الراحة للمتعبين ، ويشبع الجياع فى الأماكن القفرة فى البرية ، وتلامسوا مع طول أناته معهم ، واحتماله لضعفاتهم كمبتدئين حتى يأتى بهم إلى القوة ، واحتماله لجهلهم حتى يأتى بهم إلى المعرفة الحقة ، تلامسوا مع محبته إلى المنتهى وهو يبذل نفسه عنهم ويحتمل الآلام الرهيبة ليخلصهم من الهلاك الأبدى ، كانت الجلدات على ظهر السيد المسيح هى شفاء لأوجاع خطايانا وتلذذات الخطية التى أفسدت طبيعتنا البشرية .
* تلامسوا مع سمو تعاليمه ، واستمعوا إلى كلمات النعمة الخارجية من شفتيه ، والتى تؤثر فى السامعين بمنتهى القوة والعمق ... وكم كان يتكلم كمن له سلطان وليس كالكتبة .
* تلامسوا مع الحق الذى فيه ... وهو الذى قال عن نفسه : " أنا هو الطريق والحق والحياة " ( يو 6:14 ) . لم يظهر الحق ويعبر عنه بصورة واضحة بقدر ما كان معلناً فى السيد المسيح .
* تلامسوا مع قداسة الله فى شخص السيد المسيح ... والله القدوس الذى بلا خطية وحده ... وكان السيد المسيح هو الذى قال لليهود : " من منكم يبكى على خطية " ( يو 46:8 ) . طهلرة كاملة .. نقاوة كاملة .. سمو كامل صفاء عجيب..بساطة متناهية..قوة فى رفض الشر والصمود فى وجه الطغيان..تحرر من الأهواء والنزعات.
* أما عن أنتصاره على الموت وعلى الشيطان ، فكان ذلك من أبرز علامات ألوهيته وكتب معلمنا بولس الرسول فى ذلك : " وتعين أبن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الاموات " ( رو 4:1 ) . وقال السيد المسيح عن أنتصاره على الموت والجحيم : " متى رفعتم أبن الانسان تفهمون إنى أنا هو " ( يو 28:8 ) أى يصير مفهوماً أنه هو الإله المتجسد . إن حلول ملء اللاهوت جسدياً فى السيد المسيح إى اتحاد لاهوته بناسوته ، وقد منع عن جسده الفساد فى القبر " لا تدع قدوسك يرى فساداً " ( مز 10:16 ) . وقد غلب كل قوة الجحيم فى روحه الإنسانى " محيياً فى الروح الذى فيه أيضاً ذهب فكرز للأرواح التى فى السجن " ( 1بط 18:3 ) ، " سبى سبياً وأعطى الناس كرامة " ( مز 18:68 ) .
لقد سحق الرب بسلطان لاهوته كل قوة إبليس " ( إذ جرد السلاطين أشهرهم جهاراً ظافراً بهم فى الصليب " ( كو 15:2 ) حقاً هو " الرب الغزيز القدير القاهر فى الحروب . هذا هو ملك المجد " ( مز 8:24 ) .
السؤال السادس:
♫ ما معنى الآية : " كل ما هو لى فهو لك " ( يو 10:17 )
الجـــواب:
* فى مناجاته مع الآب قال السيد المسيح : " وكل ما هو لى فهو لك ، وما هو لك فهو لى " ( يو 10:17 ) . وقال كذلك لتلاميذه : " كل ما للآب هو لى " ( 15:16 ) . وقال القديس أثناسيوس الرسولى إن الابن له جميع صفات الآب ما عدا أن الآب هو آب والابن هو ابن .
* وهذا بالطبع لأن الآب والابن والروح القدس لهم طبيعة إلهية واحدة وجوهر إلهى واحد ... فكل صفات الجوهر الإلهى هى للآب كما هى للابن ، وكذلك للروح القدس أما الخواص الأقنومية أو الصفات الأقنومية فينفرد بها كل أقنوم على حدة . فالآب له الأبوة الثالوث وهو الوالد للابن ، والباثق للروح القدس . والابن له النبوة باعتباره الابن الوحيد الجنس للآب بالولادة ( انظر يو 16:3 ) . والروح القدس له الانبثاق باعتباره روح الحق الذى من عند الآب ينبثق ( انظر يو 26:15 ) .
* وكما أن صفات الجوهر الإلهية هى نفسها لكل الأقاليم ، كذلك كل القدرات والعطايا الإلهية هى صادرة عن الاقانيم الإلهية معاً .
فالقدرة على الخلق هى للآب والابن والروح القدس . والمواهب الممنوحة للكنيسة هى ممنوحة من الآب باستحقاقات دم الابن الوحيد ، والروح القدس هو الذى يمنحها للكنيسة بعمله فيها من خـلال الأسـرار والمواهـب
والعطايا الإلهية . لهذا قال السيد المسيح عن الوح القدس : " وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق . لأنه لايتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آيتة . ذاك يمجدنى . لآنه يأخذ مما لى ويخبركم . كل ما للآب هو لى . لهذا قلت إنه يأخذ مما لى ويخبركم " ( يو 13:16 - 15 ) .
* لقد ربط السيد المسيح بين عطايا الروح القدس ، وبين عطاياه هو للكنيسة ، معتبراً إياها أيضاً أنها عطايا الآب فقال إن الروح القدس : " يأخذ مما لى " . ثم قال : " كل ما للآب هو لى " . ففى الحقيقة أن ما للروح القدس هو للابن ، وما للابن هو للآب وما هو للآب فهو للآبن وللروح القدس لآن الجوهر الإلهى للابن هو نفس الجوهر الإلهى الواحد الذى للآب وللروح القدس ... ولا يوجد أقنوم منفصل عن الاخر فى الجوهر .
* وكذلك فالعمل الإلهى هو عمل واحد بالرغم من تمايز دور كل أفنوم فى هذا العمل ففى الخلق كان الاقانيم يعملون معاً ، وفى الخلاص كان الاقانيم يعملون معاً ومازالوا يعملون ... وهكذا فى الخلاص أرسل الله أبنه ليتجسد بفعل الروح القدس ، وعلى الصليب كان الله مصالحاً العالم لنفسه فى المسيح ، وقال القديس بولس : " الذى بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب " ( عب 14:9 ) . لذلك فالابن الوحيد قد قدم نفسه ذبيحة مقبولة أمام الله الآب بالروح القدس ، وبعدما أتم السيد المسيح الفداء ، صعد إلى السموات وجلس عن يمين الآب ، وباعتباره رئيس الكهنة الأعظم أرسل الروح القدس الذى يعمل فى الكنيسة ويوصل إليها كل بركات الفداء ، وكل ما يمنحه الروح القدوس للكنيسة من مواهب هو عطايا الآب السماوى . بابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا ولهذا يقول معلمنا يعقوب الرسول إن " كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هى من فوق نازلة من عند أبى الانوار . الذى ليس عنده تغيير ولا ظل دوران . شاء فولدنا بكلمة الحق لكى نكون باكورة من خلائقة " ( يع 17:1 ، 18 ) .
♪ مجد الآب وملكتيه وملكوته هى للابن أيضاً :
من عبارة " كل ما هو لى غهو لك " ( يو 10:17 ) . نفهم أيضاً أن كل مجد الآب هو للابن أيضاً . وكل ملكية الآب وملكوته يخص الابن أيضاً .
♪ مجد الآب :
* قال السيد المسيح عن مجئيه الثانى للدينونة واستعلان ملكوت الله : " ومتى جاء ابن الإنسان فى مجده وجميع ملائكته القديسين معه ، فحينئذ يجلس على كرسى مجده ويجتمع أمامه جميع الشعوب " ( مت 31:25 – 34 )
* ولكن السيد المسيح كما قال إن : " ابن الإنسان سوف يأتى فى مجده " قال أيضاً " فإن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب أعماله " ( مت 27:16 ) .
* وبهذا لم يفرق السيد المسيح بين " مجده " و " مجد أبيه " فى حديثة عن مجيئة الثانى للدينونة . لأن مجد السيد المسيح باعتبار أنه هو ابن الله هو نفس مجد الآب بلا أدنى فرق فى المجد . فالأقاليم الثلاثة متساوية فى المجد الإلهى . وذلك نعطى الذوكصا ( المجد ) للثالوث .
* وحينما قال السيد المسيح فى مناجاته قبل الصلب : " والآن مجدنى أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم " ( يو 5:17 ) ، كان يقصد أن مجده الأزلى هو نفسه مجد الآب الأزلى قبل خلق العالم ، وذلك بالرغم من أن السيد المسيح قد أخفى الكثير من مجده حال ظهوره بيننا فى الجسد حينما أخلى نفسه آخذاً صورة عبد . كذلك نادى السيد المسيح الآب قبيل الصلب قائلاً : " أيها الآب مجد اسمك فجاء صوت من السماء مجدت وأمجد أيضاً " ( يو 28:12 ) .
* وحينما خرج يهوذا الإسخريوطى بعد عشاء عيد الفصح اليهودى ، ليذهب إلى رؤساء الكهنة ويصير دليلاً للذين قبضوا على السيد المسيح ، قال السيد : " الآن تمجد ابن الإنسان وتمجد الله فيه . إن كان الله قد تمجـد
فيه فإن الله سيمجده فى ذاته ويمجده سريعاً " ( يو 31:13 ، 32 ) .
* وفى مناجاته مع الآب بعد تلك الأحداث مباشرة ، رفع عينيه نحو السماء وقال : " أيها الآب .. مجد ابنك ليمجدك ابنك أيضاً " ( يو 1:17 ) . إن مجد الآب هو نفسه مجد الابن لأن له نفس الجوهر الواحد مع الآب .
* ولقب السيد المسيح بأنه هو " بهاء مجده " ( عب 3:1 ) . فإن كان الابن هو بهاء مجد الآب فكيف نفصل بين مجد الابن ومجد الآب .
* إن مجد الآب يظهر جلياً للخليقة بواسطة الابن الوحيد ، ولهذا نقول فى القداس الغريغورى :
( الذى أظهر لنا الآب ) .
* وبالاضافة إلى ذلك قيل عن الابن إنه : " رب لمجد الله الآب " ( فى 11:2 9 . بمعنى أن الابن هو رب أى سيد للخليقة التى تحيا فى مجد الله ، وتعكس هذا المجد فيتمجد الله فيها وبواسطتها . ونحن كثيراً ما نلقب السيد المسيح بعبارة " رب المجد " التى قالها عنه معلمنا بولس الرسول ( 1كو 8:2 ) .
♪ ملكوت الآب :
* لشدة محبة الآب للابن فإنه يلقب ملوته ( بملكوت الابن ) فيقول : " ملكوت ابن محبته " ( كو 13:1 ) .
* وكما أن الآب له لقب " ملك الملوك ورب الأرباب ... الذى لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه " ( 1تى 15:6 ، 16 ) . وهكذا أيضاً فإن الابن له نفس اللقب وقد رآه يوحنا الإنجيلى فى رؤياه " متسربل بثوب مغموس بدم ، ويدعى اسمه كلمة الله . وله على ثوب وعلى فخده اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب " ( رؤ13:19 : 16 ) . وقيل عنه فى نفس السفر : " والخروف يغلبهم لآنه رب الأرباب وملك الملوك " . ( رؤ 14:17 ) .
* وذلك ففى يوم الدينونة قيل عن الابن إنه سوف " يجلس على كرسى مجده " ( مت 31:25 ) . وإن لقبه هو الملك ( مت 34:25 ) .
* إن ملكوت الآب هو نفسه ملكوت الابن ... وكل هذا يتحقق فينا بعمل الروح القدس الذى يجعل ملكوت الله داخلنا ( أنظروا لو 21:7 ) بسكناه فينا ، ويقودنا فى طريق الملكوت حتى نصير ملكاً لله ، ويملك على حياتنا إلى الأبد بنعمته .
السؤال السابع:
♫ ما معنى الآية : " لأجلهم أقدس أنا ذاتى " ( يو 19:17 )
الجـــواب:
* قال السيد المسيح عن تلاميه : " لأجلهمأقدس أنا ذاتى ، ليكونوا هم أيضاً مقديسين فى الحق " ( يو 19:17 ) ، وهنا نقف أمام عبارة " أقدس أنا ذاتى " وكيف قالها السيد المسيح أو ما هو المعنى المقصود فى كلامه
* التقديس كلمة معناها التخصيص : مثلما قيل : " قدس لى كل بكر " ( خر 2:13 ) .
أى ( خصص لى كل بكر ) والإنسان القديس هو قلب قد تخصص فى محبة الله . وفى الهيكل كان ( القديس ) هو المكان المخصص لرفع البخور . ومائدة خبز الوجوه ، والمنارة ذات السبع سرج . أما ( قدس الأقداس ) فهو المكان المخصص تخصيصاً شديداً لتابوت عهد الرب ، ولا يدخل إليه إلا رئيس الكهنة مرة واحدة فى السنة ، إنه المكان الذى يحل فيه الرب بمجده ويتراءى فوق غطاء التابوت بين الكاروبين الذهب .
* لقداسة هى التخصص فى محبة الله – ولا نستطيع أن نفهم القداسة بعيداً عن حب الله . هذه القداسة التى " بدونها لن يرى أحد الرب " ( عب 14:12 ) ... لآنه بدون أن تكون محبة الله فوق كل شئ لا يمكن أن نحيا فى شركة حقيقية معه .
* وحينما قال السيد المسيح : " لأجلهم أقدس أنا ذاتى " ( يو 19:17 ) ، فإنه فى قوله هذا يختلف عن أى إنسان آخر لأن معناها أنه يخصص ذاته فى تجسده من أجل تلاميذه مثلما قال : " أنا أضع نفسى عن الخراف " ( يو 15:10 ) .
* لقد تدرج السيد المسيح فى إظهار تخصيص ذاته من أجل الكنيسة :
- فقبل الصليب خدم خدمة عجيبة تعب فيها كثيراً من أجل الكرازة بالإنجيل ... وكان يقول عن نفسه إن : " إبن الإنسان لم يأت ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( مت 28:20 ) .
- وفى الصليب وصلت خدمته الباذلة إلى قمتها لأنه " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه " ( يو 13:15 ) .
- وحتى بعد القيامة خصص السيد أربعين يوماً ليمسح أحزان تلاميذه ويبعث فيهم فرح وبقين القيامة .
- وحينما صعد إلى السموات فإنه يشفع أمام الآب لأجلنا " لنا شفيع عند الأب " ( 1 يو 1:2 ) ورآه يوحنا فى سفر الرؤيا فى صورة " خروف قائم كأنه مذبوح " ( رؤ 6:5 ) .
* إن علاقة السيد المسيح بالكنيسة هى علاقة لا تنقطع فالمسيح هو الرأس والكنيسة هى جسده إنها علاقة حب عجيبة هى علاقة عريس منشغل بعروسة المحبوبة .. يخصص ذاته لأجلها .
- ما أعجب أتضاعك أيها الرب يسوع المسيح حيث تقول إنك تخصص ذاتك من أجل الكنيسة .. إنه الاتضاع الناشئ عن الحب .. فالمحبة تستطيع أن تفعل كل شئ .
السؤال الثامن:
♫ ما معنى الأية : " جثا على ركبتيه وصلى " ( لو 41:22 )
الجـــواب:
* فى وقت الشدة والحزن المرير أوصى السيد تلاميذه قائلاً : " صلو لكى لا تدخلوا فى تجربة " ( لو 40:22 ) وكما اوصاهم هكذا فعل ، مقدماً نفسه مثالاً لكل إنسان ونائباً عن البشرية فى أوجاعها وأحزانها التى أستحقتها لسبب الخطية فى أتضاع عجيب جثا على ركبتي وصلى ، بكل الأنسحاق وبنفس منسكبة وفى ضراعة عميقة وصراخ من القلب .. " وإذا كان فى جهاد كان يصلى بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " ( لو 44:22 ) .
* هذه الصلاة الحارة العميقة قد أجذبت أنتباه السمائيين : " وظهر له ملاك من السماء يقوية " ( لو 43:22 ) ربما كان الملاك يردد ذلك النغم الخالد : ( لك القوة والمجد والبركة والعزة ) .. أو كان يردد تسبخ=حة الثلاث تقديسات " ( قدوس الله . قدوس القوى . قدوس الحى الذى لا يموت ) .. أو ليعلن إعجاب السمائيين بذلك الحب العجيب الذى أحتمل الأحزان لأنه " إذ كان قد أحب خاصته الذين فى العالم أحبهم إلى المنتهى " ( يو 1:13 ) .. وفى كل الأحوال فإن ظهور الملاك قد أكد مشاركة الجند السمائيين فى وقت التجربة والحزن والألم .
* وقد وصف معلمنا بولس الرسول تلك الصلوات الحارة والمنسحقة التى قدمها السيد المسيح أثناء آلامه وأحزانه فقال : " الذى فى أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت . وسمع له من أجل تقواه من كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعون سبب خلاص أبدى " . ( عب 5 : 7-9 ) .
* كل ما قيل عن تضرعات السيد المسيح أمام الآب فى وقت الآلام والأحزان ، ينبغى أن ننظر إليه فى ضوء أن الأبن الوحيد قد أخلى ذاته أخذاً صورة عبد ( انظر فى 7:2 ) . لكنه مع هذا بقى هو هو نفسه كلمة الله
القادر على كل شئ ولكن من حيث أنه قد تجسد وصار نائباً عن البشرية " إذ وجد فى الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت .. موت الصليب " ( فى 8:2 ) .
* ولذلك يقول : " مع كونه أبناً تعلم الطاعة مما تألم به " ( عب 8:5 ) أى أنه مع كونه ابن الله الذى له نفس الجوهر مع الآب وقدراته وإرادته فإنه كنائب عن البشرية قد أظهر الطاعة فى قبول للآلام والأحزان ، مرضياً لقلب الآب السماوى .
* وهى فى صلاته وتضرعة كان يطلب من أجل خلاص البشرية من براثن الموت وقبضته . وقد أقامه الآب من الأموات بنفس القدرة الإلهية التى أقام بها هو نفسه والتى أقامه بها الروح القدس . لأن قدرة الثالوث هى قدرة إلهية واحدة . ولكنه مع كونه ابناً قد تضرع إلى الآب من أجل القيامة من الأموات لأنه فى هذا قد ناب عن البشرية فى استرضاء قلب الآب السماوى وفى إيفاء العدل الإلهى حقه بالكامل ، وفى الحصول على الحياة الأبدية .
* ويقول الكتاب : " وسمع له من أجل تقواه " ( عب 7:5 ) فلم يكن الأمر تنازلاً عن حق العدل الإلهى الذى لا يمكن أن يتغير بل بالفعل أو فى الإنسان يسوع المسيح حق العدل الإلهى ، وإستجاب الآب لما طلبه ابن الإنسان البار القدوس الذى بلا خطية ، حينما قدم نفسه ذبيحة إثم " حمل خطايا كثيرين وشفع فى المذنبين " ( إش 12:53 ) .
السؤال التاسع:
♫ ما معنى الآية : " سربأن يسحقه بالحزن " ( إش 10:35 )
الجـــواب:
* لماذا سر الآب بأن يسحق الأبن المتجسد بالحزن
- كانت مسرة قلب الآب أن يصالح العالم لنفسه فى المسيح . هذه المسرة ملؤها التضحية ودافعها المحبة .. لم يكن الخصام بين الله والإنسان شيئاً يسر قلب الله . ولم يكن ممكناً أن تتم المصالحة بدون سفك دم ، وبدون كفارة حقيقية تستعلن فيها قداسة الله كرافض للشر والخطية فى حياة الإنسان .
* وفى كل ذلك أحتمل السيد المسيح فى طاعة كاملة لأبيه السماوى ، وفى اتضاع عجيب احتمل كل الحزان التى تفوق الوصف . وقال بفم إشعياء النبى : " السيد الرب فتح لى أذناً وأنا لم أعاند . إلى الوراء لم أرتد . بذلت ظهرى للضاربين وخدى للناتفين . وجهى لم أستر عن العار والبصق " ( إش 50 : 5 ، 6 ) .
السؤال العاشر:
♫ ما معنى الآية : " أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم " ( يو 17:20 )
الجـــواب:
* ارتضى السيد المسيح فى اتضاعه أن يحسب نفسه ضمن إخواته من البشر " لأنه كان ينبغى أن يشبه إخواته فى كل شئ بلا خطية " ( عب 17:2 ) لهذا قال لمريم المجدالية : " اذهبى إلى إخواتى وقولى لهم إنى أصعد إلى أبى وابيكم وإلهكم " ( يو 17:20 ) .
* ولكن من المعلوم أن أبوة الآب للسيد المسيح شئ وأبوته للبشر شئ أخر . فالسيد المسيح هو ابن الله بالطبيعة ( بحسب لاهوته ) ، أما نحن فأبناء الله بالتبنى . كذلك هناك فرق بين وضعنا كعبيد لله ، ووضع السيد المسيح الذى أخذ صورة عبد . فنحن عبيد بحكم وضعنا كمخلوقين ، أما السيد المسيح فهو الخالق الذى أخلى ذاته وتجسد أخذاً صورة عبد ، ووجد فى الهيئة كإنسان ، وصار أبناً للإنسان .
* الفرق بين كرامة السيد المسيح وكرامة إنسان مثل موسى النبى ، شرحه معلمنا بولس الرسول وقال : " فإن هذا قد حسب أهلاً لمجد أكثر من موسى . بمقدار ما لبانى البيت من كرامة أكثر من البيت . لأن كل بيت يبنبة إنسان ما . ولكن بانى الكل هو الله " . ( عب 3 : 3 ، 4 ) أى أن الفرق فى الكرامة بين السيد المسيح وموسى النبى ، هو الفرق بين كرتمة الخالق وكرامة المخلوق .
♪ بنوة المسيح للآب :
* السيد المسيح هو ابن الله الوحيد الجنس ( مونوجينيس إيوس ) .. هو الوحيد الذى له نفس طبيعة الآب وجوهره بالولادة الأزلية من الآب ، لذلك دعى بلقب " الوحيد " .
- وكل ولادة أخرى من الله هى التبنى ، وليس بحسب الطبيعة والجوهر . ولادة الابن الوحيد مكن الآب قبل كل الدهور هى مثل ولادة الشعاع من النور بنفس طبيعة وجوهره .
* وكما يقول قداسة البابا شنودة الثالث : إن لقب السيد المسيح هو الكلمة ( اللوغوس ) بمعنى أن لقبه هو ( العقل الإلهى المنطوق به ) .
* فأقنوم الابن ( الكلمة ) حسب تعليم القديس كيرلس الكبير ، له ولادتان :
- الولادة الأولى : أزلية من الآب بحسب ألوهيته .
- الولادة الثانية : فى ملئ الزمان من العذراء مريم بحسب إنسانيته .
- يقول معلمنا بولس الرسول : " يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد " ( عب 8:13 ) . أى أنه هو نفسه فى الماضى والحاضر والمستقبل ، قبل التجسد وفى التجسد وإلى أبد الدهور . أى أن الذى ولد من الآب قبل كل الدهور ، هو هو نفسه الذى تجسد من العذراء فى ملء الزمان وولد منها بحسب الجسد ، وسيبقى هو نفسه إلى الأبد .
- وهو يبخر ما بين الخورس الأول والخورس الثانى فى الكنيسة فى دورة بخور عشية وباكر وفى دورة البولس فى القداس الإلهى إذ يقول " ( يسوع المسيح هوهو أمساً واليوم وإلى الأبد ، بأقنوم واحد نسجد له ونمجده ) .. أبن الله الأزلى هوهو نفسه أبن الإنسان ، هو كلمة الله الذى أخذ جسداً من العذراء مريم – بفعل الروح القدس – جاعلاً إياه جسده الخاص .
* وكل ما ينسب إلى جسد الكلمة الخاص ينسب إلى الكلمة مثل الولادة والألم والموت .. مع أنه أن الكلمة بحسب طبيعته الإلهية لا يحتاج إلى ولادة جديدة ، ولا يتألم ، ولا يموت ، ولكن إذ صار له جسد ، فقد تألم ومات بحسب هذا الجسد ناسباً إلى نفسه كل ما يخص جسده الخاص .
- لهذا دعيت العذراء مريم : ( ولدة الإله = ثيئوطوكوس = Theotokos ) ، إذ أن الذى ولد منها هو الإله الحقيقى كلمة الله المتجسد . وقد ( ولدت الله الكلمة الحقيقة ) كما نقول فة المجمع فى القداس الإلهى . وكما نردد فى لحن مرد الإبركسيس أيضاً فى القداس الإلهى : ( التى ولدت لنا الله الكلمة ) .
♪ أخذ الذى لنا وأعطانا الذى له :
* لقد أخذ السيد المسيح صورة عبد ، لكى نصير نحن على صورة الله ومثاله . وقبل السيد المسيح أن يصير أبناً للإنسان لكى نصير نحن أولاد الله . لهذا كان يحلو له أن يدعو الرسل إخواته " أذهبى إلى إخواتى وقولى لهم " ( يو 17:20 ) .
* وقد كتب عنه المزمور : " أخبر بإسمك إخواتى فى وسط الجماعة أسبحك " . ( مز 22:22 ) .
* ويقول معلمنا بولس الرسول : " لأنه لاق بذاك الذى من أجله الكل . وبه الكل . وهو آت بأبناء كثيرين إلى
المجد . أن يكمل رئيس خلاصهم بالآلام . لأن المقدس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم إخوة قائلاً : " أخبر باسمك إخواتى فى وسط الكنيسة أسبحك " ( عب 2 : 10 – 12 ) .
* أخذ السيد المسيح النبوة للإنسان ( التى تخصنا نحن ) ، وأعطانا النبوة لله ( التى تخصه هو ) لهذا قال لمريم المجدالية بعد قيامته من الأموات : " إنى أصعد إلى أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم " ( يو 17:20 ) .
* بنزوله من السماء أخذ منا النبوة للإنسان وبصعوده إلى السماء منحنا النبوة لله ، إذ أرسل الروح القدس الذى يلدنا فى المعمودية من الله ، ويصيرنا أولاداً لله بالتبنى على صورة الله ومثاله .
السؤال الحادى عشر:
♫ ما معنى الآية : " بكر كل خليقة " ( كو 15:1 )
الجـــواب:
* بالرجوع إلى أقوى المراجع اللغوية للغة اليونانية أتضح مايلى :
- إن ترجة كلمة ( بروتوتوكوس οςκτωοτωρπ ) التى ترجمت فى الترجمة العربي البيروتية ( بكر ) هى ترجمة غير دقيقة ، لأن كلمة بروتوتوكوس كلمة مركبة من كلمتين هما :
- الفعل ωκκιτ بمعنى يلد .
- ςοτωρπ وهى صيغة مبالغة التفضيل من ορπ التى تعنى ( قبل – سابق – متفوق ) من حيث الزمان والمكان والمنزلة والترتيب والأهمية .
* وبالتالى يصير معنى العبارة :
- كائن قبل كل الخليقة : Existing before all creation .
- أو متفوق على ( أعلى وأسمى من ) كل الخليقة : Superior to all creation .
- أو متميز بتفوق على كل الخليقة Preeminent over all creation .
* وهذا المعنى هو الذى أجتمعت عليه أحدث وأقوى ترجمات الكتاب المقدس التى يصدرها الاتحاد العالمى لجميعات الكتاب U . B . S . باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
السؤال الثانى عشر:
♫ما معنى الية : " بداءة خليقة الله " ( رؤ 14:3 )
الجـــواب:
* وردت هذه العبارة فى الترجمة العربية البيروتية ولكن رجعنا إلى النص الأصلى باللغة اليونانية نجد أن صحتها " أول سبب لخليقة الله " أو " مصدر خليقة الله " أو " الذى يسود على خليقة الله " لأن كلمة أرشى : ηχρα تعنى ( أصل – رأس مسبب – الذى يبدأ به شئ فى الوجود ) ، ولها معان أخرى ( سيادة – سلطة – سطوة – ملكية تامة ) أما فى الكناية عن أشخاص فلا تدل على زمن بل على أسبقية وسيادة وتفوق ، وهو المعنى الوارد فى هذه الآية ، بذلك تكون الترجمة الصحيحة لها : ( أصل أو مسبب خليقة الله Origin or cause ) ... وبالمقل فإن U . B . S . قد اعتمدت هذه الترجمة عن اليونانية فى أحدث إصدارات العهد الجديد باللغتين الإنجليزية والفرنسية .
السؤال الثالث عشر:
♫ما معنى الأية : " مع كونه ابناً تعلم الطاعة مما تألم به " ( عب 8:5 )
الجـــواب:
* ابن الله الكلمة لا يمكن أن يتألم من حيث اللاهوت