اشعياء 8 - تفسير سفر أشعياء
هذا الإصحاح وحتى ص (12) كلها موعظة واحدة عن خراب إسرائيل والضيق علي يهوذا من أشور، أما من أحتفظ بعلاقته مع الله فله عزاء وهناك وعود لشعب الله وسط الخراب وفيها إشارة لأيام المسيح.
وظروف هذا الإصحاح هي نفس ظروف الإصحاح السابق. مؤامرة رصين وفقح ضد يهوذا. وتوبيخ الله أحاز لتركه إياه ولجوئه لملك أشور. وذكر المصائب الآتية علي الذين يطلبون غير الله والتهديد بخراب مملكة أحاز بالإضافة لأقوال كثيرة للشعب لتنشيطهم وحثهم علي الإتكال علي الله.
آية (1) و قال لي الرب خذ لنفسك لوحا كبيرا و اكتب عليه بقلم إنسان لمهير شلال حاش بز.
لوحاً كبيراً = لكي يراه الجميع، هؤلاء الذين فقدوا السمع، ليكون شاهداً أن النبي سبق وقال هذا الكلام قبل أن يحدث. بقلم إنسان أي باللغة التي يفهمها كل إنسان والله كلمنا بلساننا وكلمنا في إبنه إبن الإنسان.
مهير شلال حاش بز = المعني يعجل الغنيمة ويسرع النهب. والاسم نبوءة مختصرة
آية (2) و أن اشهد لنفسي شاهدين أمينين أوريا الكاهن و زكريا بن يبرخيا.
أشهد لنفس = علي إشعياء أن يضع اللوح في الهيكل ويشهد عليه كاهنان وقد يكونا قد ختما عليه. وهذه شهادة بأنه قال ما قاله قبل أن يحدث.
الآيات (3، 4) فاقتربت إلى النبية فحبلت و ولدت ابنا فقال لي الرب ادع اسمه مهير شلال حاش بز.لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يدعو يا أبي و يا أمي تحمل ثروة دمشق و غنيمة السامرة قدام ملك أشور.
النبية = هي زوجة النبي إشعياء. والمعني أن أشور سوف ينهب كلا من إسرائيل وأرام لينقذ أورشليم. قبل أن يعرف = أي بعد حوالي سنة. وقد فعل تغلث فلاسر ذلك فعلاً.
الآيات (5 - 7) ثم عاد الرب يكلمني أيضا قائلا.لان هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت و سر برصين و ابن رمليا. لذلك هوذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية و الكثيرة ملك أشور و كل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه و يجري فوق جميع شطوطه.
هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت = سكوت Softly بعد أن طمأن الرب شعبه بخلاصهم من أعدائهم ها هو يلفت نظرهم لخطاياهم لكي يتوبوا. وشيلوه بركة مياه في أورشليم تنساب منها المياه في هدوء وتعتمد عليها المدينة. والمعني أن الشعب احتقروا هذه البركة واحتقروا مدينتهم والبركات التي أعطاها الله لهم. وحسدوا الأشوريون علي مياههم الكثيرة ونهرهم الواسع المتدفق (أو حسدوا الآراميين علي أنهارهم الواسعة) والمعني أنهم احتقروا عمل الله الهادئ وأعجبوا أو خافوا وانبهروا من قوة الجيوش المعادية. وروحياً فهذا يشير لمن يرفض روح الله الوديع الهادئ (مياه شيلوه) الذي يملأ القلب سلاماً هادئاً لذيذاَ يفوق كل عقل، ظاناً أنه في إرضاء شهواته الجامحة سيجد فرحاً وسلاما، مثل هؤلاء يصعد عليهم روح العالم الصاخب الهائج ويخربهم، وهذا ما حدث مع شمشون والابن الضال، فهؤلاء يشتهون اللذة الكاذبة والحرية الكاذبة.
وسُرَ برصين = الإعجاب بقوته و أوثانه وخطاياه. ومياه النهر القوية المقصود به نهر الفرات إشارة لجيش أشور. وأشور سينقذهم فعلاً ولكنه سيستدير عليهم ويخربهم، سيندفق عليهم كنهر الفرات الذي أعجبوا به واشتهوه، وهذا ما حدث أيام سنحاريب الذي حاصر أورشليم.
ونلاحظ أن شيلوه هي مكان عبادة الرب وتقديم الذبائح منذ القديم. فقد صعد إليها ألقانة وحنة أبوا صموئيل. وفيها نصب يشوع خيمة الاجتماع (يش 1:18) إذاً هي مكان اجتماع الله مع شعبه. ومعني شيلوه = شلوام أو سلوام أي المرسل وهكذا كان المسيح الذي أرسله الله فرذلوه واختاروا قيصر (مياه النهر القوية). وشيلوه بمياهه الهادئة يشير لقوة الروح الوديع الهادئ مصدر التقديس وينبوع البر، وهناك من يقاوم روح الله الهادئ ويحزنه ويرذله بإستسلامه لشهوات العالم الصاخب وكما تحمل بركة شيلوه (المرسل) المياه الهادئة، هكذا فالمسيح الذي أرسله الأب وهبنا الروح القدس وأرسله لنا. لذلك فشيلوه هي المكان الذي أغتسل فيه الأعمى فاستنارت عيناه. ورفض الشعب لشيلوه فيه معني رفضهم الإعتماد علي الله واتكالهم علي أشور، لذلك سيغرقهم أشور وهكذا أفقدت الشهوة شمشون كل قوته.
آية ( و يتدفق إلى يهوذا يفيض و يعبر يبلغ العنق و يكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل.
بسط جناحيه = إشارة لأتساع المكان الذي تشغله جيوشه ويبلغ العنق = أي يصل حتى أورشليم ولكن لن يدخلها، يبلغ العنق كمن وصل الماء حتي عنقه لكنه لم يغرق. إذاً فهذا يعطي أمل. ونلاحظ أنهم هم طلبوا أشور والله أعطاهم حسب قلبهم (مز 20 : 4) وما أسوأ ما يطلب الإنسان. عرض بلادك يا عمانوئيل = أي اليهودية. وهذا القول يعني أن إشعياء قد فهم أن الولد المذكور الذي ستلده العذراء (7 : 14) ليس أبنه هو بل هو المسيح عمانوئيل. فالبلاد هي بلاد عمانوئيل. والله يسمح بتأديبنا ولكن لا يسمح بهلاكنا فنحن أرض عمانوئيل، نحن ملك الرب. ومادامت حياتنا مستترة في الله فلا خوف علينا.
آيات (9 ،10) هيجوا آية الشعوب و انكسروا و إصغي يا جميع أقاصي الأرض احتزموا و انكسروا احتزموا
و انكسروا.تشاوروا مشورة فتبطل تكلموا كلمة فلا تقوم لان الله معنا.
يوجه النبي كلامه إلي البقية المؤمنة ويطلب منهم أن لا يخافوا فالأعداء لن يمكنهم أن يدمروا شعب الله. وهذه الآيات تشير لهجوم الأعداء الروحيين علي المسيح وعلي مملكته أي الكنيسة ولكن مهما قاموا فسينكسروا ومهما ظهر للعيان عكس ذلك فالكنيسة عروس المسيح ستبقي.
الآيات (11 -13) فانه هكذا قال لي الرب بشدة اليد و انذرني أن لا اسلك في طريق هذا الشعب قائلا.لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة و لا تخافوا خوفه و لا ترهبوا. قدسوا رب الجنود فهو خوفكم و هو رهبتكم.
هنا الله يحذر النبي ومن يسمعونه من الأتقياء أن لا يسلكوا مسلك الشعب، وكان كلام الله له شديداً. وربما كان هذا في فترة مال فيها النبي لوجهة نظر الملك والشعب في التحالف مع أشور. ولكن الرب حذره وشدده بشدة اليد = أي بقوة يد الله عليه أمره أن يقبل ما يقوله الله بالرغم من صعوبة موقفه أمام الملك وأمام الشعب. وربما كان النبي خائفاً منهم. والله هنا يعطيه دفعة روحيه تعين ضعف الجسد. لا تقولوا فتنة فتنة أي مؤامرة. يبدو أن الشعب المنافق حسبوا توبيخ النبي لأحاز أنه مؤامرة ضد أحاز. قَدِسوا =" قارن مع ليتقدس أسمك" والقداسة سيكون فيها اختبار عشرة الله والحفظ من خطايا الأمم واستنارة وثبات ونصرة حقيقة علي الأعداء، وتقديسنا لأسم الله يكون بأن نحيا في قداسة.
آية (14) و يكون مقدسا و حجر صدمة و صخرة عثرة لبيتي إسرائيل و فخا و شركا لسكان أورشليم.
هذه الآية أقتبسها بطرس في (1بط 8:2) ويكون مقدسا في الآية السابقة طلب أن يتقدسوا ولكن كيف ؟ كانت القداسة في العهد القديم في الخيمة والهيكل بالدم. وهنا نري في هذه الآية نبوة عن المسيح الذي يقدس كهيكل جديد وهو سيكون صخرة حمآية للمؤمنين وحجر زاوية. ولكن سيكون صخرة عثرة وفخا للرافضين من اليهود.
آية (15) فيعثر بها كثيرون و يسقطون فينكسرون و يعلقون فيلقطون.
هذه العثرة التي يتكلم عنها أصدق شاهد لها سقوط الأمة اليهودية وقارن مع " من تلك الساعة رجع كثير من التلاميذ". يسقطون = في فخ إبليس وينكسرون =" قبل الكسر الكبرياء" ويعلقون = هذه النفوس الرافضة يلتقطها الشيطان ليفترسها. هم علقوا بما معناه لم يستطيعوا الارتفاع إلي السماويات بإيمانهم بالمسيح لأنهم انجذبوا في شباك الشيطان إذا هم علقوا في شباكه فلم يلحقوا بالمسيح وذلك لكبريائهم.
آية (16) صر الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي.
صر الشهادة = الشهادة هي التي بدأ بها الإصحاح، المكتوبة علي اللوح بشأن سقوط دمشق والسامرة ثم تدمير ملك أشور لليهودية وخلاص البقية، وأن الله عمانوئيل معنا وأن المسيح سيأتي كسر تقديس للشعب وصخرة عثرة لليهود الرافضين. وهذا الكلام انتهي الأمر فيه ولا رجعة لذلك يقول له صر... إختم بتلاميذى أي بتلاميذ إشعياء الذين يقبلون هذه الشهادة. ولكنها نبوة عن تلاميذ المسيح في العهد الجديد وإنهم سوف يكشفون كل ما كان مستوراً حين يفك الأسد الخارج من سبط يهوذا كل الختوم وقوله صر.. إختم أي لا تزيد شيئاً عليها ولا تنقص.
آية (17) فاصطبر للرب الساتر وجهه عن بيت يعقوب و انتظره.
الساتر وجهه = بسبب غضبه ولكن هذا إلي حين فاصبر. هذه مثل "بصبركم تقتنون أنفسكم" وطلب الصبر هنا لأن هناك ضيقات آتية ينبغي مقابلتها بالصبر وبإيمان أنها للتأديب وللخير.
آية (18) هاأنذا و الأولاد الذين اعطانيهم الرب آيات و عجائب في إسرائيل من عند رب الجنود الساكن في جبل صهيون.
الله يستعمل النبي وأولاده آيات فأسماءهم كان لها معاني وكأنها نبوات مختصرة وقارن مع (عب 2 :13) فيكون إشعياء هنا رمزاً للمسيح لأن الرسول أقتبس هذا القول ونسبه للمسيح وأظهر به أن المسيح أشترك في اللحم والدم مع الطبيعة البشرية وفي هذا التفسير يصبح أولاد المسيح آيات وعجائب لرفضهم الشر ونظرهم لأمور سماوية. وهكذا كان إشعياء وأولاده وتلاميذه مختلفين عن الشعب الذين حولهم في إيمانهم وسلوكهم وأفكارهم نحو الرب وتلاميذ إشعياء حسبوا أولاداً له وهو في هذا يرمز للمسيح.
الآيات (19- 22) و إذا قالوا لكم اطلبوا إلى أصحاب التوابع و العرافين المشقشقين و الهامسين ألا يسأل شعب إلهه أيسال الموتى لأجل الأحياء.إلى الشريعة و إلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر فيعبرون فيها مضايقين و جائعين و يكون حينما يجوعون أنهم يحنقون و يسبون ملكهم و إلههم و يلتفتون إلى فوق.و ينظرون إلى الأرض و إذا شدة و ظلمة قتام الضيق و إلى الظلام هم مطرودون.
هناك خطأ شائع فحين يحجب الله وجهه تظلم الدنيا أمام الناس وبدلاً من التوبة والصلاة لله ليرفع غضبه يلجأون للعرافين والسحرة لطلب المشورة (هكذا فعل شاول الملك) وهنا فالنبي يحذر أتقياء الشعب من أن يسمعوا لمن يقول لهم أذهبوا واطلبوا إلي السحرة.
أصحاب التوابع والعرافين = الذين يدعون أنهم يقدرون أن يعاشروا أرواح الموتى ويعرفوا المستقبل المشقشقين والهامسين = من يتكلم بصوت هامس خافت غائر أو في رنة حزينة كالحمام وهذه طريقتهم في الكلام ليتقنوا دورهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). أيسأل الموتى لأجل الأحياء = هل ترضون بأن تتركوا الله الحي وأنتم عبيده أحياء إذا التزمتم بوصيته وتلجأون لهذه الوسائل الشيطانية إلي الشريعة وإلي الشهادة = هذا ما يجب أن يقوله من هو في ضيق فكلام الله هو الذي يعطي حياة. فليس لهم فجر = من لا يقول إلي الشريعة وإلي الشهادة. من لا يلجأ لكلام الله فليس له نور ويبقي في الظلام. وعجيب أن يكون للإنسان حياة في كلمات الكتاب المقدس ولا يقرأه. فيعبرون فيها = من يلجأ لهذه الوسائل يعيش في الأرض في ضيق وبلا معين.
هذا الإصحاح وحتى ص (12) كلها موعظة واحدة عن خراب إسرائيل والضيق علي يهوذا من أشور، أما من أحتفظ بعلاقته مع الله فله عزاء وهناك وعود لشعب الله وسط الخراب وفيها إشارة لأيام المسيح.
وظروف هذا الإصحاح هي نفس ظروف الإصحاح السابق. مؤامرة رصين وفقح ضد يهوذا. وتوبيخ الله أحاز لتركه إياه ولجوئه لملك أشور. وذكر المصائب الآتية علي الذين يطلبون غير الله والتهديد بخراب مملكة أحاز بالإضافة لأقوال كثيرة للشعب لتنشيطهم وحثهم علي الإتكال علي الله.
آية (1) و قال لي الرب خذ لنفسك لوحا كبيرا و اكتب عليه بقلم إنسان لمهير شلال حاش بز.
لوحاً كبيراً = لكي يراه الجميع، هؤلاء الذين فقدوا السمع، ليكون شاهداً أن النبي سبق وقال هذا الكلام قبل أن يحدث. بقلم إنسان أي باللغة التي يفهمها كل إنسان والله كلمنا بلساننا وكلمنا في إبنه إبن الإنسان.
مهير شلال حاش بز = المعني يعجل الغنيمة ويسرع النهب. والاسم نبوءة مختصرة
آية (2) و أن اشهد لنفسي شاهدين أمينين أوريا الكاهن و زكريا بن يبرخيا.
أشهد لنفس = علي إشعياء أن يضع اللوح في الهيكل ويشهد عليه كاهنان وقد يكونا قد ختما عليه. وهذه شهادة بأنه قال ما قاله قبل أن يحدث.
الآيات (3، 4) فاقتربت إلى النبية فحبلت و ولدت ابنا فقال لي الرب ادع اسمه مهير شلال حاش بز.لأنه قبل أن يعرف الصبي أن يدعو يا أبي و يا أمي تحمل ثروة دمشق و غنيمة السامرة قدام ملك أشور.
النبية = هي زوجة النبي إشعياء. والمعني أن أشور سوف ينهب كلا من إسرائيل وأرام لينقذ أورشليم. قبل أن يعرف = أي بعد حوالي سنة. وقد فعل تغلث فلاسر ذلك فعلاً.
الآيات (5 - 7) ثم عاد الرب يكلمني أيضا قائلا.لان هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت و سر برصين و ابن رمليا. لذلك هوذا السيد يصعد عليهم مياه النهر القوية و الكثيرة ملك أشور و كل مجده فيصعد فوق جميع مجاريه و يجري فوق جميع شطوطه.
هذا الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت = سكوت Softly بعد أن طمأن الرب شعبه بخلاصهم من أعدائهم ها هو يلفت نظرهم لخطاياهم لكي يتوبوا. وشيلوه بركة مياه في أورشليم تنساب منها المياه في هدوء وتعتمد عليها المدينة. والمعني أن الشعب احتقروا هذه البركة واحتقروا مدينتهم والبركات التي أعطاها الله لهم. وحسدوا الأشوريون علي مياههم الكثيرة ونهرهم الواسع المتدفق (أو حسدوا الآراميين علي أنهارهم الواسعة) والمعني أنهم احتقروا عمل الله الهادئ وأعجبوا أو خافوا وانبهروا من قوة الجيوش المعادية. وروحياً فهذا يشير لمن يرفض روح الله الوديع الهادئ (مياه شيلوه) الذي يملأ القلب سلاماً هادئاً لذيذاَ يفوق كل عقل، ظاناً أنه في إرضاء شهواته الجامحة سيجد فرحاً وسلاما، مثل هؤلاء يصعد عليهم روح العالم الصاخب الهائج ويخربهم، وهذا ما حدث مع شمشون والابن الضال، فهؤلاء يشتهون اللذة الكاذبة والحرية الكاذبة.
وسُرَ برصين = الإعجاب بقوته و أوثانه وخطاياه. ومياه النهر القوية المقصود به نهر الفرات إشارة لجيش أشور. وأشور سينقذهم فعلاً ولكنه سيستدير عليهم ويخربهم، سيندفق عليهم كنهر الفرات الذي أعجبوا به واشتهوه، وهذا ما حدث أيام سنحاريب الذي حاصر أورشليم.
ونلاحظ أن شيلوه هي مكان عبادة الرب وتقديم الذبائح منذ القديم. فقد صعد إليها ألقانة وحنة أبوا صموئيل. وفيها نصب يشوع خيمة الاجتماع (يش 1:18) إذاً هي مكان اجتماع الله مع شعبه. ومعني شيلوه = شلوام أو سلوام أي المرسل وهكذا كان المسيح الذي أرسله الله فرذلوه واختاروا قيصر (مياه النهر القوية). وشيلوه بمياهه الهادئة يشير لقوة الروح الوديع الهادئ مصدر التقديس وينبوع البر، وهناك من يقاوم روح الله الهادئ ويحزنه ويرذله بإستسلامه لشهوات العالم الصاخب وكما تحمل بركة شيلوه (المرسل) المياه الهادئة، هكذا فالمسيح الذي أرسله الأب وهبنا الروح القدس وأرسله لنا. لذلك فشيلوه هي المكان الذي أغتسل فيه الأعمى فاستنارت عيناه. ورفض الشعب لشيلوه فيه معني رفضهم الإعتماد علي الله واتكالهم علي أشور، لذلك سيغرقهم أشور وهكذا أفقدت الشهوة شمشون كل قوته.
آية ( و يتدفق إلى يهوذا يفيض و يعبر يبلغ العنق و يكون بسط جناحيه ملء عرض بلادك يا عمانوئيل.
بسط جناحيه = إشارة لأتساع المكان الذي تشغله جيوشه ويبلغ العنق = أي يصل حتى أورشليم ولكن لن يدخلها، يبلغ العنق كمن وصل الماء حتي عنقه لكنه لم يغرق. إذاً فهذا يعطي أمل. ونلاحظ أنهم هم طلبوا أشور والله أعطاهم حسب قلبهم (مز 20 : 4) وما أسوأ ما يطلب الإنسان. عرض بلادك يا عمانوئيل = أي اليهودية. وهذا القول يعني أن إشعياء قد فهم أن الولد المذكور الذي ستلده العذراء (7 : 14) ليس أبنه هو بل هو المسيح عمانوئيل. فالبلاد هي بلاد عمانوئيل. والله يسمح بتأديبنا ولكن لا يسمح بهلاكنا فنحن أرض عمانوئيل، نحن ملك الرب. ومادامت حياتنا مستترة في الله فلا خوف علينا.
آيات (9 ،10) هيجوا آية الشعوب و انكسروا و إصغي يا جميع أقاصي الأرض احتزموا و انكسروا احتزموا
و انكسروا.تشاوروا مشورة فتبطل تكلموا كلمة فلا تقوم لان الله معنا.
يوجه النبي كلامه إلي البقية المؤمنة ويطلب منهم أن لا يخافوا فالأعداء لن يمكنهم أن يدمروا شعب الله. وهذه الآيات تشير لهجوم الأعداء الروحيين علي المسيح وعلي مملكته أي الكنيسة ولكن مهما قاموا فسينكسروا ومهما ظهر للعيان عكس ذلك فالكنيسة عروس المسيح ستبقي.
الآيات (11 -13) فانه هكذا قال لي الرب بشدة اليد و انذرني أن لا اسلك في طريق هذا الشعب قائلا.لا تقولوا فتنة لكل ما يقول له هذا الشعب فتنة و لا تخافوا خوفه و لا ترهبوا. قدسوا رب الجنود فهو خوفكم و هو رهبتكم.
هنا الله يحذر النبي ومن يسمعونه من الأتقياء أن لا يسلكوا مسلك الشعب، وكان كلام الله له شديداً. وربما كان هذا في فترة مال فيها النبي لوجهة نظر الملك والشعب في التحالف مع أشور. ولكن الرب حذره وشدده بشدة اليد = أي بقوة يد الله عليه أمره أن يقبل ما يقوله الله بالرغم من صعوبة موقفه أمام الملك وأمام الشعب. وربما كان النبي خائفاً منهم. والله هنا يعطيه دفعة روحيه تعين ضعف الجسد. لا تقولوا فتنة فتنة أي مؤامرة. يبدو أن الشعب المنافق حسبوا توبيخ النبي لأحاز أنه مؤامرة ضد أحاز. قَدِسوا =" قارن مع ليتقدس أسمك" والقداسة سيكون فيها اختبار عشرة الله والحفظ من خطايا الأمم واستنارة وثبات ونصرة حقيقة علي الأعداء، وتقديسنا لأسم الله يكون بأن نحيا في قداسة.
آية (14) و يكون مقدسا و حجر صدمة و صخرة عثرة لبيتي إسرائيل و فخا و شركا لسكان أورشليم.
هذه الآية أقتبسها بطرس في (1بط 8:2) ويكون مقدسا في الآية السابقة طلب أن يتقدسوا ولكن كيف ؟ كانت القداسة في العهد القديم في الخيمة والهيكل بالدم. وهنا نري في هذه الآية نبوة عن المسيح الذي يقدس كهيكل جديد وهو سيكون صخرة حمآية للمؤمنين وحجر زاوية. ولكن سيكون صخرة عثرة وفخا للرافضين من اليهود.
آية (15) فيعثر بها كثيرون و يسقطون فينكسرون و يعلقون فيلقطون.
هذه العثرة التي يتكلم عنها أصدق شاهد لها سقوط الأمة اليهودية وقارن مع " من تلك الساعة رجع كثير من التلاميذ". يسقطون = في فخ إبليس وينكسرون =" قبل الكسر الكبرياء" ويعلقون = هذه النفوس الرافضة يلتقطها الشيطان ليفترسها. هم علقوا بما معناه لم يستطيعوا الارتفاع إلي السماويات بإيمانهم بالمسيح لأنهم انجذبوا في شباك الشيطان إذا هم علقوا في شباكه فلم يلحقوا بالمسيح وذلك لكبريائهم.
آية (16) صر الشهادة اختم الشريعة بتلاميذي.
صر الشهادة = الشهادة هي التي بدأ بها الإصحاح، المكتوبة علي اللوح بشأن سقوط دمشق والسامرة ثم تدمير ملك أشور لليهودية وخلاص البقية، وأن الله عمانوئيل معنا وأن المسيح سيأتي كسر تقديس للشعب وصخرة عثرة لليهود الرافضين. وهذا الكلام انتهي الأمر فيه ولا رجعة لذلك يقول له صر... إختم بتلاميذى أي بتلاميذ إشعياء الذين يقبلون هذه الشهادة. ولكنها نبوة عن تلاميذ المسيح في العهد الجديد وإنهم سوف يكشفون كل ما كان مستوراً حين يفك الأسد الخارج من سبط يهوذا كل الختوم وقوله صر.. إختم أي لا تزيد شيئاً عليها ولا تنقص.
آية (17) فاصطبر للرب الساتر وجهه عن بيت يعقوب و انتظره.
الساتر وجهه = بسبب غضبه ولكن هذا إلي حين فاصبر. هذه مثل "بصبركم تقتنون أنفسكم" وطلب الصبر هنا لأن هناك ضيقات آتية ينبغي مقابلتها بالصبر وبإيمان أنها للتأديب وللخير.
آية (18) هاأنذا و الأولاد الذين اعطانيهم الرب آيات و عجائب في إسرائيل من عند رب الجنود الساكن في جبل صهيون.
الله يستعمل النبي وأولاده آيات فأسماءهم كان لها معاني وكأنها نبوات مختصرة وقارن مع (عب 2 :13) فيكون إشعياء هنا رمزاً للمسيح لأن الرسول أقتبس هذا القول ونسبه للمسيح وأظهر به أن المسيح أشترك في اللحم والدم مع الطبيعة البشرية وفي هذا التفسير يصبح أولاد المسيح آيات وعجائب لرفضهم الشر ونظرهم لأمور سماوية. وهكذا كان إشعياء وأولاده وتلاميذه مختلفين عن الشعب الذين حولهم في إيمانهم وسلوكهم وأفكارهم نحو الرب وتلاميذ إشعياء حسبوا أولاداً له وهو في هذا يرمز للمسيح.
الآيات (19- 22) و إذا قالوا لكم اطلبوا إلى أصحاب التوابع و العرافين المشقشقين و الهامسين ألا يسأل شعب إلهه أيسال الموتى لأجل الأحياء.إلى الشريعة و إلى الشهادة إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر فيعبرون فيها مضايقين و جائعين و يكون حينما يجوعون أنهم يحنقون و يسبون ملكهم و إلههم و يلتفتون إلى فوق.و ينظرون إلى الأرض و إذا شدة و ظلمة قتام الضيق و إلى الظلام هم مطرودون.
هناك خطأ شائع فحين يحجب الله وجهه تظلم الدنيا أمام الناس وبدلاً من التوبة والصلاة لله ليرفع غضبه يلجأون للعرافين والسحرة لطلب المشورة (هكذا فعل شاول الملك) وهنا فالنبي يحذر أتقياء الشعب من أن يسمعوا لمن يقول لهم أذهبوا واطلبوا إلي السحرة.
أصحاب التوابع والعرافين = الذين يدعون أنهم يقدرون أن يعاشروا أرواح الموتى ويعرفوا المستقبل المشقشقين والهامسين = من يتكلم بصوت هامس خافت غائر أو في رنة حزينة كالحمام وهذه طريقتهم في الكلام ليتقنوا دورهم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). أيسأل الموتى لأجل الأحياء = هل ترضون بأن تتركوا الله الحي وأنتم عبيده أحياء إذا التزمتم بوصيته وتلجأون لهذه الوسائل الشيطانية إلي الشريعة وإلي الشهادة = هذا ما يجب أن يقوله من هو في ضيق فكلام الله هو الذي يعطي حياة. فليس لهم فجر = من لا يقول إلي الشريعة وإلي الشهادة. من لا يلجأ لكلام الله فليس له نور ويبقي في الظلام. وعجيب أن يكون للإنسان حياة في كلمات الكتاب المقدس ولا يقرأه. فيعبرون فيها = من يلجأ لهذه الوسائل يعيش في الأرض في ضيق وبلا معين.